عمره الأغنية.. ومحطاته السفر دائماباتجاه الربيع.. صوته الذي لايشيخ تاريخ أصواتنا في مدن النغم.. وريادته الباقية توارثناها منذ زمن المسارح المفتوحة وغناء البيوت المسالمة. محمد عبده.. أكبر من النسيان.. وأقدر من النجاح.. والنوتة التي جمعت ألحان الجزيرة على روعةٍ سواء.. سيرته كوخ الاوتار تحت جناح عصفور يغرد في كل الأغصان والفصول.. وحضوره أكبر من الاستعادة وأعذب من الانتظار. لا تنتهي من صوته إلا إليه ولا تكتفي منه بأغنية إلا ويحملك على إخرى تتجاوزها ففي كل زمن له موعد مع البقاء ومع كل حنين تنفتح ذكرياتك عليه. هو صوتنا الأطول والأعذب منذ أمنيته الأولى "بالسهر ولو ليلة" في قلوبنا.. حتى وفي "الجو غيم" أخذوه "المعازيم" وتركوه بانتظار "بنت النور" لكن "الأماكن" قدرته دائما على التجدد في زمن التغييب العبثي للشجن كل هذا لمحة عابرة في تاريخ جاء ليبقى عبر صوتٍ لا يعترف بعدد السنين ولا تقلبات الشجن حين خُلٍقٓ قيثارةً للبحر والرمل معا كثير هو هذا العمر المغنى بحنجرة بحاار أقام في جزيرة رملية جافة ! لكنه أكثر.. أكثر بحجم قدراته في أن يكون أذكى من القصيدة وأسبق من ريشة الوتر. وألطف بكثير من وشاية الصحراء بنا.. محمد عبده غيمة غناء واعدتنا أن تظللنا كلما تصحّرنا بشؤوننا وشجوننا معا.. "إبراهيم الوافي".