ه الشجن.. وأصابعه أوتار خالدة.. ترقص الحياة في رحلتها الحزينة بين رعشةٍ وأخرى... يحتضن عوده فتنثالُ الأطيافُ على ذاكرةٍ كلما مسّها الحنين أفضت إليه... عبادي الجوهر.. عمرٌ يمتدّ من رعشة الذكرى حتى دوخة الوتر.. من سيرة الفقد حتى عناق الرؤى..! ينتقي أغنياته بقلبه.. فيحيا الكلام قبل شفاته.. ثم لا يترك لها إلا الخلود.. نخبويّ الحضور.. شعبيّ الوجدان.. تتعاقب الأجيال على صوته.. ويتكفّل الوعي بتجدّده.. ثم لا يحضر إلا مؤمنًا بأثره. سمرته دمعة غيمةٍ سقطت على الرمل.. تعاقبت عليها الفصول لكن كل ورودها وفي كل المواسم ظلّت تغري فراشات النهار بالتنقّل.. وتكشف لليليّة منها مكائد الضوء..! هو عمر الحنين.. وسيرة الحب.. ومآتم الفرح.. ومواجع التذكّر.. وخلود الشجن... تقف إزاءه.. فتعدّ حجرات قلبك وتدخلها حجرةً حجرةً.. وتصغي لصوته المنزوع من روحه.. فتدرك حقيقة ذاكرتك... في هيأته قُبلة الحزن على خدّ أغنية.. ليل مقمرٌ يجتمع فيه الشعر والحب.. الفقد والأثر.. الشمس والظلال.. الجفاف والمطر.. ثم لا يكون إلا عذوبةً تنتظرنا وحنينًا يتهجّى دواخلنا! هو ليلنا المخبوء فينا حين يطول بالسهر ويقصر بالغناء... حالة فريدة من تاريخ الأغنية السعودية حين يشكّل أصالة الحداثة وحداثة الأصالة معاً.. رؤيوي الانتقاء لكلماته.. غالباً ما يفاجئنا بالانفتاح على كل التجارب الشعرية الممكنة والمتّسقة مع رؤاه التي تنشد التفرّد وتبلغه دائمًا.. هذا الأنيق الجميل بحزنه.. علّمنا الحب أولاً.. ثم علّمنا كيف يكفينا أن نستعيده شجناً كلّما تكبّبْنا في مناكبه.. عبادي الجوهر.. أكثر من الغناء.. وأعذب من اللحن.. وأرقّ من البكاء.. وأكبر من زمنه.. "إبراهيم الوافي"