قدمت مرشحة الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون نفسها كزعيمة تسير على نهج مستقر خلال «لحظة حساب» لأمريكا في صورة تثير مقارنات بينها وبين المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي وصفت شخصيته بأنها خطيرة ومتقلبة. وفي أكبر خطاب جماهيري خلال مسيرتها في الحقل السياسي والممتدة على مدى ربع قرن قبلت كلينتون رسميا ترشيح الحزب الديمقراطي لها لخوض انتخابات الرئاسة المقررة في الثامن من نوفمبر وتعهدت بجعل الولاياتالمتحدة بلدا يعمل من أجل الجميع، وقالت «نحن فطنون لما يواجه بلدنا. لكننا لسنا خائفين» وقدمت كلينتون رؤية أكثر تفاؤلا بكثير من الرؤية التي طرحها ترامب في مؤتمر الحزب الجمهوري الأسبوع الماضي. وقالت «لقد قطع بالحزب الجمهوري شوطا طويلا من (نهار في أمريكا) إلى (منتصف ليل في أمريكا).. يريد أن يفصلنا عن بقية العالم وعن بعضنا بعضا» وصورت ترامب في صورة شخص يمثل خطرا على البلاد قائلة «الرجل الذي يمكن استدراجه بتغريدة ليس رجلا يمكننا أن نستأمنه على أسلحة نووية». ووصفت كلينتون (68 عاما) التي تتطلع لأن تكون أول امرأة ترأس الولاياتالمتحدة ترشيحها بأنه «علامة فارقة» وقالت «عندما ينهار أي حاجز في أمريكا -بالنسبة لأي شخص- فإنه يفتح الطريق للجميع. لذلك حين لا تكون هناك أسقف.. تبلغ الحدود عنان السماء». إعادة تقديم للنفس لم يكن خطاب كلينتون ملهبا كخطب الرئيس باراك أوباما وبعض الديمقراطيين البارزين الآخرين في المؤتمر العام للحزب الذي انعقد في فيلادلفيا غير أن كلينتون بدت مهيمنة وواثقة في تواصلها مع الجماهير. وأقرت بأن بعض الناس ما زالوا لا يعرفونها جيدا قالت «أدرك أن البعض لا يعرفون كيف يقيمونني.. دعوني أساعدكم، الأسرة التي أنتمي إليها.. ليس بينها أسماء مكتوبة على مبان كبيرة» في إشارة إلى ترامب الذي يظهر اسمه على عقاراته، وأضافت أن أسرتها وفرت حياة أفضل ومستقبلا أفضل لأبنائها باستخدام كل الأدوات «التي حباها بها الرب». وجاءت كلمتها في ختام مؤتمر دام أربعة أيام وجاء افتتاحه وسط خلاف بعد تسرب رسائل بريد إلكتروني تخص اللجنة الوطنية الديمقراطية وتظهر أن مسؤولي الحزب فضلوا كلينتون على منافسها في الانتخابات الديمقراطية بيرني ساندرز عضو مجلس الشيوخ عن فيرمونت، وحتى بعد استقالة ديبي وازرمان شولتز رئيسة اللجنة الديمقراطية وحليفة كلينتون يوم الأحد عطل مؤيدو ساندرز الغاضبون بعض فعاليات المؤتمر وقوضوا مساعي كلينتون وساندرز للوقوف على جبهة واحدة. وأمس الخميس قال أناس على مقربة من الأمر إن مجلس التحقيقات الاتحادي يحقق في هجوم إلكتروني على مجموعة أخرى تابعة للحزب الديمقراطي ربما يكون متصلا بالاختراق السابق لبريد اللجنة الوطنية الديمقراطية، ومن المرجح أن يزيد الحادث الذي واجهته (لجنة الحملة الديمقراطية في الكونجرس) وصلاته المحتملة بمخترقين روس من اتهامات لم تتأكد حتى الآن بأن موسكو تحاول التدخل في الانتخابات الأمريكية لمساعدة ترامب. وارتدى أنصار ساندرز أمس الخميس قمصان (تي. شيرت) كتب عليها «فاض الكيل»، ورددوا من حين لآخر هتافات احتجاج طغت عليها أصوات مؤيدي كلينتون وهم يرددون «هيلاري» ولم تغفل كلينتون مؤيدي ساندرز وقالت «أريدكم أن تعلموا أني أسمعكم... قضيتكم قضيتنا». تواصل مع الجمهوريين لم تقصر كلينتون خطابها على الناخبين من حزبها.. فأشادت بجون مكين عضو مجلس الشيوخ عن أريزونا والمرشح الجمهوري السابق لمنصب الرئيس ووصفته بأنه بطل حرب كما أشادت بالخدمة العسكرية التي قام بها ابن مايك بنس حاكم إنديانا الذي رشحه ترامب ليخوض معه الانتخابات على منصب نائب الرئيس. وقالت «سأكون رئيسة للديمقراطيين والجمهوريين والمستقلين». وأضافت كلينتون أن «مهمتها الأساسية» تتمثل في إتاحة مزيد من الفرص ومزيد من فرص العمل الجيدة مع رفع الأجور ومواجهة الخيارات الصعبة في التصدي للخصوم و»التهديدات والاضطرابات» في أنحاء العالم وفي الداخل. وقالت كلينتون التي تولت من قبل منصب وزيرة الخارجية «أمريكا في لحظة محاسبة مرة أخرى، هناك قوى هائلة تهدد بتقسيمنا» وأضافت « لا عجب أن الناس قلقون ويتطلعون لما يطمئنهم.. يتطلعون لزعامة مستقرة». وتكررت الإشارة إلى الدين والوطنية في كلمات المتحدثين خلال المؤتمر ومن بينهم ضباط بالجيش والشرطة، وخلال كلمة الجنرال المتقاعد جون ألين اهتزت القاعة بهتاف «أمريكا» ولوح بعض الحضور بأعلام كبيرة. وقال ألين «أعلم يقينا أن وجودها كقائد لقواتنا المسلحة لن يحول علاقاتنا الخارجية لصفقة تجارية كما أعرف أن قواتنا المسلحة لن تصبح أداة تعذيب». «عالم من الخيال» يتقدم ترامب -مقدم برامج الواقع البالغ من العمر 70 عاما والذي لم يتول أي منصب سياسي من قبل- بفارق بسيط على كلينتون كما يظهر من مؤشر (ريل كلير بوليتيكس) لقياس متوسط القراءات عبر استطلاعات الرأي الأخيرة، وفي بيان أعقب خطاب كلينتون قالت حملة ترامب إن المرشحة الديمقراطية وصفت «عالما من الخيال» لا يمت للواقع بصلة. وقال ستيفن ميلر مستشار السياسات بالحملة «كانت كلمة هيلاري كلينتون تجميعا مهينا لعبارات نمطية وأقوال معادة، أمضت الليلة في التحدث من عل للشعب الأمريكي الذي ظلت تنظر إليه من عل طوال حياتها». وخلال حشد جماهيري في أيوا في وقت سابق من اليوم قال ترامب إنه لا يريد أن يستمع إلى خطاب كلينتون. وقال «أعتقد أننا سنبقى هنا طوال الليل لأني لا أريد في الحقيقة الذهاب للمنزل ومشاهدة ذلك الهراء». ويصور ترامب الولاياتالمتحدة كما لو كانت تحت حصار المهاجرين غير الشرعيين والجريمة والإرهاب وكدولة تفقد نفوذها في العالم، واقترح حظرا مؤقتا على دخول المسلمين البلاد وإقامة سور على طول الحدود مع المكسيك لمنع دخول المهاجرين بصورة غير مشروعة. ودوى تصفيق الحضور عندما رفع المسلم خيزر خان نسخة من الدستور الأمريكي وقال إنه يريد أن يريها لترامب. وكان ابن خان بين 14 مسلما لقوا حتفهم أثناء الخدمة العسكرية منذ هجمات 11 سبتمبر 2001. وقال «هيلاري كلينتون كانت على حق عندما وصفت ابني بأنه أفضل من أنجبت أمريكا ولو كان الأمر بيد دونالد ترامب لما أمكنه قط أن يعيش في أمريكا، دونالد ترامب دأب على تلطيخ شخصية المسلمين».