خلال الشهور الماضية تداعت الكثير من الأحداث، ظاهريا كقراء للأخبار نعتقد انه ليس بينها رابط ولكن عند قراءتها كمحللين نجد أنها ترسمت طرقا لأبواب خلفية مغلقة تلتقي جميعها بمركز واحد يسعى لهدف واحد. نظرية أم القرى هي خريطة طريق إيران للهيمنة على المنطقة صاغها محمد جواد لاريجاني في كتابه "مقولات في الاستراتيجية الوطنية". هذه النظرية الاستعمارية الشيطانية غزلت وباحتراف صانعي سجاد قم وطهران على قياس ما يسمى ولاية الفقيه. بدأت تمددها الشيطاني في ظل دستور استعماري إيراني يحقق أهداف هذه النظرية بداية من تحويل شعبها الى قطيع خاضع ومن ثم انتشارها السرطاني لدول المنطقة ونشر مذهبها في العالم. يقول لاريجاني، أبرز منظّري هذه النظرية الإيرانية الاستعمارية: إنه إن كان علينا أن نعتبر إيران اليوم هي "دار الإسلام" وأم القرى، فيجب أن يخضع أولاً كافة المواطنين لإرادة الولي الفقيه، وأن يبايعوه في كافة ما يريد. النظرية الإيرانية هذه لا تعترف بالحدود الجغرافية المتعارف عليها دوليا وهدفها المبطن الوصول إلي "الإمبراطورية الموعودة". عودة مملكة فارس الحلم القديم الذي يرضعونه لأطفالهم، حدودهم الشرعية التي يحددها الولي الفقيه، تجسدها خارطة أحلامهم Pan-Iranism والتي تتصدر صفحات كتبهم الدراسية:التأريخ والدين والأدب، وحتى الفنون. رسمت إيران أهدافها للسيطرة على المنطقة ومد نفوذها في لبنان والعراق وسوريا واليمن. واستعانت بأذرعها الارهابية للسيطرة على الشأن العربي كحزب الله، ونظام بشار، والحوثيون، والحشد الشعبي، والتنظيمات التي تقف ظاهرياً على النقيض من سياسة طهران، واقعيا" هي تنفذ الأجندة الإيرانية في الخفاء وأبرزها تنظيم داعش الإرهابي، والقاعدة. عندما تتصنع إيران الازمات ليس من باب الصدفة أو اختلاف المواقف بل هو لهدف مرحلي وإستراتيجي تسعى لتحقيقه على المدى البعيد، هذا الهدف الذي تجند له كافة طاقاتها وامكاناتها البشرية والتقنية، حروب إلكترونية وإعلامية تتجاوز حدود المنطقة لتصل العالم. مطبقة مناهج وطرق الأعلام النفسي المبرمج لتحقيق أهدافها لذا كان صوتها الإعلامي أقوى وأكثر تأثيرا" حول العالم بينما كانت ردود فعل دول الخليج أغلبها ردود فعل لمواقف آنية مراعاة لعلاقة الجوار، عاصفة الحزم أو عاصفة الكرامة كانت أول عتبات التغيير لمواجهة حقيقية لعدو شرس يسعى لتفكيك الدول الخليجية والعربية وإعادة نسج حدودها من جديد. الخميس 12 /5 /2016، أعلنت إيران مقاطعتها لشعيرة الحج لهذا العام، مبررة موقفها برفض السعودية تلبية شروطها ومتهمة إياها بعرقلة جلسات تنظيم الحج بين البلدين. محاولة طهران إلى تشويه صورة السعودية وهزّ ثقة المجتمع الإسلامي في قدرتها على تنظيم شعائر ومراسم الحج في ظروف عادية وبغيابها، هو الوتر الذي ستبدأ في العزف عليه، وبداية الحرب الإعلامية المبرمجة الذي سترتدي به ثوب الضحية، في ظل توقعات بأن يكون للحجيج الشيعة الموالين لإيران دورا" في تحقيق أهداف إيران المبطنة، وفي مقال تحليلي للموقف الإيراني بمقاطعة الحج هذا العام بصحيفة لاستامبا الإيطالية بتاريخ 13/6/2016 توقعت الصحيفة أن الشيعة العرب والشيعة الجدد، سيكونون خير بديل عن الحجاج الإيرانيين هذه السنة في إثارة المشاكل والاضطرابات في مكة والمدينة، وذلك لضرب الشرعية السعودية وإشرافها على الأماكن المقدسة وأن إيران مرتاحة لهذا المسار لأنها ستتلافى الاتهامات والإدانات، وأخيرا ما نحتاجه في ظل هذه التحديات هو استراتيجية إعلامية واضحة توازي استراتيجية الإعلام الإيراني وكما تصدت المملكة ومنذ 30 عاماً لمحاولات إيران المباشرة لتسيس الحج فهي قادرة بعون الله على التصدي لهذه المحاولات المتوقعة، مسخرة كل إمكاناتها المادية والبشرية لخدمة ضيوف الرحمن وضمان أمنهم وسلامتهم وراحتهم خلال موسم الحج القادم.