قرار مجلس الوزراء الذي صدر الأسبوع الماضي القاضي بإلزام الوسطاء العقاريين المرخص لهم بتسجيل جميع عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية من خلال الشبكة الإلكترونية التي سبق أن صدرت موافقة المجلس على إنشائها عام 1435ه، والتأكيد نصاً على أن من يخالف ذلك ستطبق عليه العقوبات الواردة في لائحة تنظيم المكاتب العقارية، كان واضحاً أنه أتى انطلاقاً مما اطلع عليه المجلس من ضوابط لمعالجة قضايا غياب بعض المستأجرين أو هروبهم وفي ذممهم إيجارات متبقية مع ترك العين المؤجرة مقفلة، وما يمكن أن يفضي إليه استمرار وتنامي هذه القضايا من تراجع لحجم الاستثمار في القطاع التأجيري السكني، وازدياد ما يعرض منها على المحاكم وأقسام الشرطة لمعالجة تبعاتها، خلاف ما يمكن أن يثري قواعد البيانات في هذا الجانب، التي تستفيد منها بالدرجة الأولى وزارة الإسكان. إن قضايا غياب بعض المستأجرين أو هروبهم وفي ذممهم إيجارات متبقية إن كانت وصلت لمرحلة الظاهرة فتعود في الواقع لارتفاع نسبة الوحدات السكنية المؤجرة في المملكة، فبناءً على آخر إحصائية رسمية عن المساكن لدينا، هناك ما يربو على (4.6) ملايين وحدة سكنية، يزيد عدد المستأجر من هذه الوحدات السكنية عن (2.6) مليون وحدة سكنية بمختلف أنواعها، أي ما نسبته نحو (57%)، وتعود تلك النسبة المرتفعة للوحدات السكنية المؤجرة كما هو معروف للأيدي العاملة الوافدة التي تشغل نسبة (31%) من إجمالي الوحدات السكنية في المملكة، حيث إنه بمقارنة نسبة الوحدات السكنية المؤجرة في المملكة بما يماثلها في دول العالم الأخرى نجد على سبيل المثال أن تلك النسبة في الولاياتالمتحدة لا تزيد عن (35%) وفي المملكة المتحدة عن (30%)، وفي دول الاتحاد الأوروبي عن (25%)، وفي سنغافورا عن (20%)، وفي هذا الصدد تشير بعض الدراسات الاقتصادية المبنية على نتائج مسح إنفاق ودخل الأسرة الذي تقوم به الهيئة العامة للإحصاء كل خمس سنوات لعينة من الأسر في جميع مناطق إلى تقدير حجم إنفاق السعوديين على المساكن سنوياً وأنه يزيد على الثمانين مليار ريال، وهو مبلغ ضخم خاصة إذا أضيف له ما ينفقه المقيمون أيضاً في المجال، مما يوحي بأن الاستثمار في القطاع التأجيري السكني لا يزال غير متأثر بالدرجة التي نتوقعها، وأن حجم قضايا عدم سداد إيجارات المساكن ربما لا زالت ضمن معدلاتها الطبيعية ولم تصل إلى مستوى الظاهرة خاصة عند مقارنة ذلك بالنسبة العالية للوحدات السكنية المؤجرة في مدن المملكة. بقي القول أن مما يمكن أنه بالغ في الأهمية، وإضافة جوهرية في التسجيل الإجباري لجميع عقود إيجار الوحدات السكنية والتجارية من خلال الشبكة الإلكترونية هو في حسم ما تبقى من جدل إن وجد حول نسبة تملك المواطنين للمساكن بعد الحصر الدقيق للأسر المستأجرة لوحدات سكنية من إجمالي عدد الأسر السعودية.