يمتاز سوق الاستثمار في الوحدات السكنية المعدة للإيجار في المملكة بالعائد المجزي ، والحجم الكبير في جانبه الكمي ، حيث يبلغ عدد الوحدات السكنية المستأجرة حالياً نحو 1.6 مليون وحدة سكنية ، تمثل مايزيد عن 40 % من إجمالي الوحدات السكنية المتوفرة في المملكة ، وتبلغ السيولة المتداولة في هذا السوق ما بين عشرة إلى خمسة عشر مليار ريال سنوياً بحد أدنى ، وذلك في حال افتراض متوسط إيجار متواضع للوحدات السكنية في كافة المناطق بالمملكة ، إلا أنه لتعثر تحصيل بعض من تلك القيمة من قبل المستثمرين ، نتيجة مماطلة المستأجرين ، أو هروبهم عن سداد الأقساط المستحقة عليهم ، نجد ذلك الإحجام من أولئك المستثمرين عن طرح مزيد من الوحدات السكنية المخصصة لهذا الغرض ، وتفضيلهم بناء وحدات تجارية أو مكتبية ، أو جعل الاستثمار في هذا المجال إن تم قائماً على التوجه نحو بيع تلك الوحدات السكنية لا تأجيرها . إن هذه الظاهرة المتمثلة في غياب أو هروب بعض المستأجرين وبذمتهم إيجارات متبقية للغير ، والتي برزت في دراسة أجرتها كما نشر في وسائل الإعلام وزارة الداخلية وبعض الجهات الأخرى ذات الصلة ستكون مدار نقاش في مجلس الشورى خلال هذا الأسبوع ، للنظر في وسائل للحد من هذه الظاهرة التي زادت من عدد القضايا المنظورة في المحاكم ، والعبء الملقى على مراكز الشرطة . إن الواقع لهذه الظاهرة ، ذات الأثر السلبي بلا شك على الاستثمار في القطاع العقاري بوجه عام والإسكان منه على وجه التحديد ، يوحي من قراءته بضرورة معالجة هذه القضية بحد أدنى من جانبين أساسيين ، الأول منهما تنظيمي ، ويتجسد في الحاجة إلى سن نظام لاستئجار العقار وإخلائه على غرار نظام " استئجار الدولة للعقار وإخلائه " الذي بالرغم أن الوحدات العقارية الحكومية المستأجرة لا تتجاوز نسبتها بحد أقصى 10 % من إجمالي الوحدات العقارية المؤجرة بوجه عام في المملكة ، إلا أنه صدر لها ذلك النظام الخاص المقرون بلائحة تنفيذية ، فلماذا لا يكون للعلاقة التعاقدية بين الأطراف الآخرين " طبيعيون أو اعتباريون " خلاف مؤسسات الدولة نظام يحكم هذه العلاقة بينهم في هذا المجال ، ليسد الثغرة التشريعية في هذا الجانب ، التي يعاني منها المواطن مؤجراً مستثمراً ، أو مستأجراً ، وتشق على الاقتصاد الوطني بوجه عام ، أما الجانب الثاني منهما فهو الوقائي ، ويتمثل في الحاجة لتأسيس شركة تقدم خدمات للقطاع العقاري المستثمر على نحو ما تقدمه الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ( سمة ) للقطاع المالي ، أو يمكن هي ذاتها أن تؤدي هذه المهمة ، بحيث توفر ما ترصده هذه الشركة من معلومات للمكاتب العقارية المرتبطة بها التي تعمل في مجال إدارة الأملاك العقارية بوجه عام والسكنية على وجه الخصوص ، وبالتالي للمستثمرين في مجال توفير الوحدات السكنية المعدة للإيجار ، حينذاك يتاح لتلك المكاتب قبل توفير خدماتها للمستأجرين سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات أو شركات الاستعلام عن سجلهم الإيجاري إن صح التعبير المتوفر لدى تلك الشركة قبل أن توفر لهم خدمة الحصول على الوحدة السكنية أو الوحدات التي يرغبون في استئجارها ، ومن ثم يمكن من خلال هذه الخدمة الحد بقدر كبير من تعثر تحصيل تلك الإيجارات من المستأجرين في المشاريع الاستثمارية المعدة لهذا الغرض ، وتفادي زيادة ما يحال إلى المحاكم من القضايا التي تتولى النظر فيها وترهق كاهلها سنوياً في هذا الشأن ، إضافة إلى إشاعة جو الاطئنان والثقة لدى المستثمرين بمجال تأجير الوحدات السكنية في الحصول على العائد الذي يتطلعون إليه من استثماراتهم ، ومن ثم تنامي تلك الاستثمارات بشكل متواصل للحد من الشح في عدد الوحدات السكنية المتاحة سواء للمواطنين أو المقيمين .