كانت بريتني الكورن تتمنى دائماً أن تكون قادرة على التواصل بصورة أفضل مع صديق للعائلة مصاب بالصم ولذلك انضمت إلى دورة خاصة لدراسة «لغة الإشارة الأميركية» التي تقدمها مدرستها الثانوية العامة. وقد استمتعت بريتني بالموضوع حتى إنها شاركت في دورة ثانية في السنة الماضية وهي تنوي أن تشارك بعد تخرجها في برنامج جامعي لكي تصبح مترجمة. وتقول الطالبة البالغة من العمر 17 سنة إنها تريد العمل كمترجمة في أحد المستشفيات «كوسيلة لي لعمل ما استمتع به ومساعدة هدم بعض حواجز التواصل التي يواجهها الصم على صعيد العناية الصحية». لقد أصبحت American Sign Language (ASL) أي لغة الإشارة الأميركية - الشكل الصامت للتواصل - أحد أكثر اللغات الأجنبية شعبية بين ما يتم تعليمه لغير الصم في المدارس الثانوية والجامعات حيث شهدت إقبالاً كبيراً خلال السنوات الخمس الماضية. ويقول بعض المربين وخبراء اللغات ان التنامي يعود سببه إلى حد ما لازدياد استعماله في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية والمناسبات العامة كالمؤتمرات والخطب السياسية والاحتفالات الكنسية. وتعترف 35 ولاية أميركية بلغة الإشارة الأميركية الآن كلغة للمدارس الأهلية. وإضافة إلى ذلك تقبل أكثر من مائة جامعة التي تعلم الاختصاصات لأربع سنوات هذه اللغة. كما ان عدد الجامعات ذات الدراسة لسنتين أكثر ويزيد عن ذلك. وأظهر مسح أجرته كلية المعلمين في جامعة كولومبيا في وزارات التربية في الولاياتالمتحدة أن 701 مدرسة ثانوية على الأقل قدمت دروساً في لغة الإشارة في العام 2000 و185 في 1995م. وتقول كريستي تيمان التي تعلم لغة الإشارة في مدرية مايسن في سينساتي: «بدأنا نقدم الدورة الدراسية في العام 2003 ولدينا طلاب ينبغي رفض قبولهم لأنه لا توجد لدينا صفوف كافية. المدرسة لديها الآن 120 طالباً يدرسون لغة الإشارة. وتريد تيمان أن يفهم طلابها أن لغة الإشارة الأميركية هي أكثر من مجرد تعلم الإشارات التي تعني كلمات، «فليس هناك إشارات حتى لبعض المفردات الانكليزية بل ينبغي التواصل عبر مجموعة من الإشارات وتعابير الوجه ولغة الجسد». ويبدو أن الطلاب ينجذبون نحو عناصر تضع لغة الإشارة في خانة مستقلة عن اللغات المكتوبة والمحكية. ويقول كريغ سميث (17 سنة) الذي يدرس مع تيمان: «إنني شخص يهوى البصريات والممارسة اليدوية وهذا يجعل تعلم لغة الإشارات أسهل لي من اللغة الاسبانية التي درستها لمدة سنتين ولكنني لم أحبها». الكورن تستطيع التواصل والاختلاط مع أصدقائها الصم عندما تخرج معهم أيام الأحد لتناول الطعام في المطاعم، وهي تقول: «الشيء المفاجئ لي في لغة الإشارة الأميركية هو أن قواعدها مختلفة تماماً عن قواعد اللغة الانكليزية. فمثلاً بدلاً من قول «إنني ذاهبة إلى المحل» تقول بالإشارة «المحل إنني أذهب». والطلب على لغة الإشارة الأميركية شديد على مستوى التعليم العالي. فقد اظهر مسح للإقبال على اللغات الأجنبية في الكليات والجامعات أجرته «جمعية اللغات العصرية»، إن الإقبال على لغة الإشارة الأميركية ازداد بنسبة 432 في المائة من 11,420 طالباً في العام 1998 إلى 60,781 في العام 2002، أي أكثر من أربعة أضعاف الإقبال على تعلم أي من 15 لغة يجري تعليمها أكثر من غيرها في تلك المعاهد العلمية. التون برانت، الأستاذ المساعد للغة الإشارة الأميركية في جامعة كليمسون في كاليفورنيا يبدي سعادته الشخصية لازدياد الإقبال على لغة الإشارة الأميركية ويقول برانت، وهو ابن والدين أصمين، إنه كان يمتنع عن التكلم بالإشارة مع والديه في الأماكن العامة في طفولته لأن الوالدين لم يكونا يريدان جذب الأنظار إليهما. ويضيف التون: «الآن تشاهد لغة الإشارة الأميركية على التلفزيون وفي مجالات عامة أخرى، وقد بدأت مؤسسات ووكالات كثيرة تبحث عن أشخاص يتقنون لغة الإشارة الأميركية.. هذا حلم تحقق». وفي حين يعترض بعض خبراء الألسنية على اعتبار لغة الإشارة الأميركية لغة أجنبية فإن ازدياد القبول والإقبال على تدريسها في المدارس العامة في مختلف أنحاء البلاد قد خفف من المعارضة. وشدد الألسنيون على أن لغة الإشارة الأميركية ليست لغة أجنبية مع أنها ليست قائمة على اللغة الانكليزية. لأنها تستعمل بالدرجة الأولى في الولاياتالمتحدة وكندا وتختلف لغات الإشارة في بلدان أخرى. ويرد دعاة لغة الإشارة الأميركية بأن بلد منشأ لغة ما لا علاقة له كلغة أجنبية في معظم الجامعات. وقال شيرمان ويلكوكس رئيس دائرة الألسنيات في جامعة نيو مكسيكو، حيث يدرس ألف طالب لغة الإشارة، إن «برامج عديدة تقبل لغات هندية أميركية، مثل لغة الناهافو، كلغة تلبي احتياجات اللغات الأجنبية». ويقول معلمو لغة الإشارة الأميركية إن الكثيرين من الطلاب يريدون تعلم لغة الإشارات ليتمكنوا من خدمة مجتمع الصم على نحو أفضل واكتساب مهارة قد تؤمن لهم أفضلية تنافسية في المهن مثل الطب والعمل الاجتماعي والاستشارات والخدمات الطائرة. وتقول باولا باتريك، منسقة اللغات الأجنبية في مدارس فيرفاكس كاونتي في فيرجينيا، ان الناحية البصرية للغة الإشارات زادت شعبية الدروس، وإن الدراسات تظهر أن الطلاب الذين لا ينجحون كثيراً في اللغات المكتوبة والمحلية غالباً ما يتميزون في أوضاع التعليم البصرية، مثل لغة الإشارة الأميركية.