نهضة المجتمع وتقدمه ومزاحمة الأمم الأخرى بالمناكب لحيازة قصب السبق وتحقيق مواقع ريادية متقدمة في المنتديات والمحافل الدولية لاتتحقق بكثرة الكلام وقلة الأفعال وإنما يتم من خلال الأخذ بأسباب القوة - بعد الاعتماد على الله أولاً - ثم العمل على امتطاء ناصية العلوم التقنية وتبني استراتيجيات وخطط طموحة للأبحاث العلمية والابتكارات في مختلف المجالات والدول المتقدمة كالولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية والآسيوية كالسويد وفنلندا والدنمارك والصين والهند وسنغافورة وماليزيا لم تلج بوابة التطور والرخاء والرفاه الاقتصادي والاجتماعي إلا من خلال خطط متكاملة لدعم وتشجيع البحث والابتكار، والتركيز على محور التنمية البشرية والاستثمار في التعليم والتدريب ودعم المؤسسات التعليمية بالتوسع في إنشاء كليات الهندسة والعلوم والطب والحاسب والكليات التقنية ومراكز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية والأبحاث العلمية وتخصيص موازنات ضخمة جداً لدعم البحث العلمي والباحثين في كافة المجالات ونشر المعامل والمختبرات والصرف عليها بسخاء وتشجيع الابتكارات وإعداد برامج للمسابقات والمعارض العلمية وتخصيص جوائز ضخمة للموهوبين ورعايتهم واستقطاب الكفاءات المبدعة حتى من الخارج واحتضانهم ودعمهم والإفادة من التجارب الرائدة لجميع الدول المتقدمة. ومع ما تشهده دول الاتحاد الأوروبي المكونة حالياً من (25) دولة من نهضة صناعية وتقنية متطورة رغم التفاوت فيما بينها حيث تحتل دول مثل المانيا والسويد والدنمارك وفنلندا المراكز الأولى في مجال الابتكار إلا أنها تظل - وفقاً لتقرير المفوضية الأوروبية في بروكسل - عاجزة عن اللحاق بركب الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان. وإذا كان الحديث عن الفجوة الكبيرة بين أوروبا من جهة والولاياتالمتحدة واليابان من جهة أخرى، فماذا عن الفجوة بيننا وبين دول الاتحاد الأوروبي وليس الولاياتالمتحدة واليابان؟ إننا مطالبون بمسارعة الخطى وبذل المزيد من الجهد لخوض غمار هذه المنافسة الشريفة والمحمومة بين الأوروبيين والصينيين والهنود وغيرهم وبين الأمريكيين واليابانيين لنحتل موقعنا الريادي بين الأمم والشعوب من خلال صرف وتوظيف واستثمار جزء من المال وما حبانا الله به من ثروات طبيعية كبيرة تخصص لعدم البحث العلمي وتشجيع الابتكارات في الموازنات العامة للدولة كي نستطيع أن نستشرف مستقبلنا المنشود ونصنعه - بمشيئة الله وعونه - بعقول وسواعد أبنائنا وبناتنا بخطى واضحة وثابتة ووفق خطط مرسومة. إن إلقاء نظرة سريعة على المخصصات الضعيفة جداً للبحث العلمي ودعم الابتكارات في موازنة المؤسسات أمر مثير للاستغراب ويدعو للحيرة، ولاسبيل لنا للتحول من مجتمع مستورد ومستهلك لمعظم حاجاتنا الحياتية إلى مجتمع منتج ومصدر ومنافس إلا من خلال الاستثمار في العقل البشري للإنسان الذي هو أداة التنمية الشاملة ووسيلتها وهدفها وغايتها ودعم البحوث والتجارب العلمية في جميع المؤسسات وتحفيز الباحثين وتشجيع الابتكارات ورعاية الموهوبين والمبدعين بطرق غير شكلية وأساليب غير تقليدية، وما لم نول هذا الأمر ما يستحقه من عناية فائقة واهتمام بالغ فستمضي بنا السنون ونحن بمعزل عن مقارعة الآخرين في حلبات المنافسة وملامح الإنتاج والعطاء والإبداع والتميز.