بين الانتماء والمواطنة وبين صرخة القهر وجذوة الروح المفعمة بالحنين والشوق، لابد ان يتوقف الانسان بين مفردات الروح ونبضات القلب ليعزف نشيد الأمل، ومن هنا استطاع الشاعر اللواء محمد طارق الخضراء في ديوانه «تغريدة قبرة» ان يبوح بايمائياته المثقلة بالحب والعشق والخيبة والأسى وينسج منها خيوطا متلونة بطيف اللقطة المفردة التي تشكل كل الهواجس للذات البشرية، بعين الانسان الثائر والفارس الذي يرى المعاناة تشتد يوما بعد يوم ويخاف ان يقتل حلمه السرمدي في لجة المؤامرة فينادي عشتار وهو يقول: انا سألوذ بالصمت.. فيا عشتار..لا تأتي هنا العدوان داهمنا.. هنا الاعصار.. حاصرنا.. ونقتل طيلة الوقت.. هنا نار.. تحرقنا.. هنا قهر يفرقنا.. يؤرقنا.. فما عاد الكلام.. يعيد بهيج وحدتنا.. فنوقد بين محرقتين.. ركام الغدر والقتلى.. وحرقة نار فرقتنا.. وبعد هذه الترانيم المفعمة بالحسرة يذهب الشاعر الى ميدان آخر لعله يتخلص لبعض الوقت من إرهاصات تلك الكوابيس المظلمة التي تخيم على مرآة روحه واهله في الوطن المحتل لينفض بعض الغبار عن سيرورة العشق المؤجل في اسماك القرش «نفحات الحب» وتقول : ياموج الحكمة.. اغرقني.. كي اهرع.. بحثا عن قلبي.. في عمق البحر سمكة قرش قتلتني.. وتساقط قلبي..مذبوحا.. في قاع القهر تركتني اتخبط حزنا من.. من يأسي.. لكن الشاعر يتفوق في النهاية على كل آلامه متحديا كل اسماك القرش ويقول: بدأت حياتي.. من عدم.. واخذت الملم اشلائي.. واسير بعمري ثانية من بدء الدرب.. ونسيت عذابات الاسماك.. وجرح الصخر.. وألم القهر.. وعبقت في قلبي.. نفحات الحب. وبعد ان لاحت في الأفق بعض بشائر الحرية بعودة جزء من الأرض تحت ضربات المقاومة نادى الشاعر باعلى صوته: سقطت حصون القهر.. في مدن الفجيعة.. وغاب حلم الغاضبين.. وقتل اطفال.. مشردة جياع.. كم ظن بعض الخائفين.. اليائسين.. بان الأرض ضاعت.. وان الحق ضاع.. لقد حاول الشاعر في كل محطاته ان يقلب مواجع شعبه وآلام وطنه المحتل الذي انهكه القهر والاستعمار لكنه في النهاية استطاع ان يرسم لوحة كبيرة اسمها «الوطن» ويلونها باشراقة الشمس.؟؟