كشفت قبل أيام مجلة Annals of DIAGNOSTIC PATHOLOGY (مدونات تشخيص علم الأمراض) الأمريكية المتخصصة والمعنية بأهم الأبحاث الطبية العالمية المتعلقة بعلم الأمراض وفي مفخرة طبية وطنية عن نجاح طبيب سعودي في وصف نوع من أنواع التشوه الخلقي يوصف لأول مرة في تاريخ الطب، وأوضحت المجلة في عددها رقم 6 في المجلد التاسع في ديسمبر الحالي 2005م في مقالة علمية أن الحالة المنشورة والتي اكتشفها الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العبدالقادر من مستشفى الملك فهد بالهفوف والمشرف على مركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز لأمراض القلب بالاحساء تتمثل في تشوه لثلاثة أجهزة هي القلب والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي لمريض حديث الولادة ينتمي إلى طائفة الهنود الحمر في غرب كندا، وبينت المجلة المذكورة التي تصدر من فيلادلفيا بالولايات المتحدة والتي تعد من المراجع العلمية الأولى في معيار المجلات العلمية وتتميز بكونها تصدر بتعاون علمي مع سجل علم الأمراض الأمريكي، بينت أن الطفل ولد بعد 35 أسبوعا من الحمل بمشاكل قلبية تنفسية تمثلت في وجود شرخ مريئي بلعومي من الدرجة الثالثة مصاحب لتشوه خلقي قلبي معقدّ تمثل في فتحة قلبية في موقع نادر الحدوث وذلك تحت الشريان الرئوي بدلاً من الأورطي كما هو معتاد، وأوضحت أن الشرايين الكبرى للقلب تنطلق من تجويف البطين الأيمن بدلاً من الوضع الطبيعي المتمثل في انبثاق الشريان الأورطي من البطين الأيسر والشريان الرئوي من البطين الايمن، ولقد مثّل مصاحبة هذا التشوه القلبي للتشوهات الأخرى المذكورة دلالة علمية هامة تشير وبقوة إلى مؤشرات تتعلق بعملية التشوه الخلقي الناشئ في المراحل الأولى لتطور الجنين حيث يعتقد الباحث الرئيسي لهذا المقال (وهو ما أعطى هذا البحث العلمي أهمية كبيرة) وجود دور كبير للجزء الأعلى من الأنبوب العصبي والذي يتعرض لإصابة ما في وقت مبكر جداً لتكوين الجنين وذلك في نشوء العيوب الخلقية الكبرى الثلاثة القلبية والتنفسية والهضمية، ولقد ربط البحث المذكور بين فجوات لعملية فهم النشوء الخلقي لعدة أجهزة في الجسم يعتقد الباحث الرئيسي وزملاؤه بأحادية منشأها في الأسباب الأولى لعملية تكوين الجنين، ومما يكسب هذه النظرية أهمية كبيرة هي كونها جزءا من مساهمة الفكر الطبي العالمي لفك أسرار عملية التشوه الخلقي عامة وهي معضلة تواجه بأبحاث علمية كبيرة في مناطق مختلفة من العالم بدأت منذ الأربعينيات من القرن الماضي ولا تزال. وأوضح الدكتور عبدالله العبدالقادر في تصريح خص به «الرياض» أن جثة الطفل «المعني بالدراسة» كانت موجودة في مشرحة مستشفى البرتا في غرب كندا منذ 6 سنوات وحظيت بمعاينة الكثير من أطباء العالم الذين زاروا المستشفى، وبين إنه قام بفحص الحالة وتشريحها بمساعدة اثنين من المختصين لأول مرة في العام 2003م، واستغرق منه البحث عامين ونصفا تقريباً حتى تمكن من التوصل لهذا الكشف الذي يعد الأول من نوعه في أدبيات الطب !! يشار إلى أن الدكتور العبدالقادر قد تنبه إلى أهمية العلامات التي تشير إلى التشوهات لدى حديثي الولادة في البلعوم والمريء والقصبة الهوائية مما ساهم في نجاحه في تفسير عملية التشوه لحالة الطفل الكندي المذكور. وعن النظرية التي توصل إليها أشار إلى أنه أرجع التشوهات إلى المرحلة الجنينية في أول ثلاثة أسابيع في تكوين الجنين، شارحاً ذلك بقوله: في القلب يتكون الأنبوب العصبي من مركز وجوانب وفيه قوى كهربائية دقيقة جداً وتفاعلات كيمائية في غاية الدقة تتناقل على أثرها الخلايا، فأي خطأ يحدث خلال هذه الفترة يؤدي إلى تشوه خلقي ومن ضمن التشوه الخلقي المتعلق بالبلعوم والمريء والقصبة الهوائية وأنا ربطتها بالقلب، ومن بين تلك الرسائل الهامة التي وردت في النظرية التي توصلت لها أنه إذا حصلت مشاكل تنفسية أو حصل أن الأنبوب لم يناسب فإنه يجب استخدام المنظار وهذا قد يكشف أموراً كثيرة. وأشار الدكتور عبدالله العبدالقادر أن مشروع أمراض القلب الخلقية الجاري الآن في المملكة العربية السعودية تحت مظلة مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية جزء من هذا التوجه العالمي لفك أسرار عملية التشوه الخلقي الخاصة بالقلب. وأبدى الدكتور عبدالله في ختام حديثه سعادته أن يسجل هذا الإنجاز الطبي العالمي باسم المملكة العربية السعودية واعتبر أن الإنجاز مصدر فخر لكل سعودي ويتجلى من خلاله الدعم الكبير الذي يلقاه الطبيب السعودي من حكومة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله. تجدر الإشارة إلى أن الدكتور عبدالله شارك قبل عدة أشهر بورقة علمية في الكونغرس العالمي لأمراض وطب وجراحة الأطفال الذي أقيم في الأرجنتين.