أخطاء فادحة وكثيرة، تلك التي توهمنا أننا سنحسمها بحلول رفع الشعارات وتكريس مفاهيم مغايرة للمنطق، وعلى سبيل المثال أنه عندما خرجت الدول الاستعمارية بكل مظالمها، استطاعت أن تؤسس البدايات لحكم ديموقراطي في أكثر من بلد، لكن الفوضى السياسية جاءت لتلغي تلك المظاهر التي لو استمرت لربما كان الوطن العربي أكثر استقراراً، واتجاهاً نحو الحكم المدني، ولربما ظل نمو الاقتصاد متجاوزاً الواقع الحالي الذي شهد تراكم الديون حتى على بلدان غنية.. أيضاً كان رفع شعار القومية العربية، الذي استبشرت به الأقليات المسيحية حتى لا تتشكل حكومات إسلامية، أغضب القوميات والعرقيات الأخرى لندرك أن الأمازيغية في المغرب العربي، وأفارقة جنوب السودان، وأكراد العراق وبقية القوميات الصغيرة، لا يمكنها أن تنسلخ من تراثها وتاريخها تحت شعارٍ فشل في أولى خطواته عندما انتهت الوحدة السورية - المصرية إلى ما يشبه القطيعة، ولتبرز صورة الحزب القائد، الذي هدم كل الأبنية القديمة، ودفع بعض الدول العربية إلى صراع مرير، كالذي يحدث في العراق الآن، من واقع تقسيم طائفي وقومي، وربما تنجو منه السودان إذا ما تم التوقيع على اتفاق بين الجنوب والشمال، ومع الحكومة المركزية لقضية دارفور، وتعزيز مسار حكم مختلف يشمل كل التنويعات السائدة.. ومثلما استعرنا من الغرب، وتركيا موضوع القومية كبديل عن حكم سابق، لم نستطع بلورة فكر يمثل عروبة غير متعصبة، أو فارضة على تذويب الآخرين بها، بدليل الاعتراف الراهن أن حقوق تلك الأقليات برزت وتحققت ولو قدر أننا حسمنا أمورنا بمنطق تحليلي لظاهرة العروبة، وأنها وعاء للكل، وعكس الشيوعية التي عجزت أن تكون بديلاً حضارياً وأيدلوجياً للرأسمالية مما أدى إلى تفتيت الاتحاد السوفياتي، لربما شكلنا طريقاً جديداً لاتحاد، أو وحدة أو أي تسمية أخرى تضم مجاميع متجانسة مثل مجلس التعاون الخليجي، وأقاليم وادي النيل، والشام، والمغرب الخ ،ولأصبحنا أكثر تجانساً واتجاهاً نحو تحقيق المكاسب القومية.. السبب الذي تهربنا من تعريفه، بشكل مباشر وصحيح، أن تلك الانقلابات التي أوصلت العسكر إلى الحكم، هي من اخترق نواميس البناء الهيكلي لكل بلد، ويكفي أن من دخلوا قاموسنا السياسي، بالخونة، وأذناب الاستعمار، هم من أنصفهم التاريخ بأنهم بناة دول أرادوها أن تتأسس على منطق سيادة القانون ومع ذلك لم نعرف، أو نقر بخطأ مزامير البطولات التي ظلت حصيلتها دفع فواتير الخسائر إلى اليوم..