استقر في أذهان المتداولين في سوق الأسهم بعد عاصفة مايو 2004م، أن ارتفاع الكهرباء يكون بمثابة جرس الانذار لهبوط مظلي لا يبقي ولا يذر!! وهذا افتراض خاطئ من الأساس ولا صحة له وليس له سند علمي أو تحليل قوي من منطلق أن الأسهم التي لها أساسات فنية وأداء معتبر وتوقعات براقة يجب ألا تتأثر حتى لو لبست الكهرباء «طاقية» المصافي؟ ما حدث يوم الثلاثاء الفائت كان تطبيقاً عملياً ممتعاً!! لمعرفة حجم الأثر القاصم للعوامل النفسية والسلوكية على أداء السوق والأسهم وكذلك للتيقن من وجود «مؤامرات» تحاك في ليل بهيم من قبل فئة من الهوامير لاقتناص الأسهم من قلوب ومحافظ صغار المتداولين سواء بالمروة أم بالقوة ما يطرح نوعين من القلق حول مدى الفراغ الأخلاقي في تعاملات السوق وقوة الدور المطلوب من هيئة سوق المال للردع والتصدي والعودة بالسوق دائماً إلى قواعد نفسية راسخة.. في محور القلق الأول يبدو أن الشق قد اتسع وثبت بالدليل والبرهان أن السوق يعاني من أزمة أخلاقيات وذلك من خلال تتبع الكم الهائل من الممارسات والتجاوزات التي تحدث في السوق عيانا بيانا ومع سبق الاصرار والترصد، عندما يقدم مضاربون شرسون على اللعب بسيف الكهرباء واعادة ذكريات رعب مايو الماحق وتوظيف النفسيات الهشة لخطف الأسهم بأسعار منخفضة خاصة بعد أن أعيتهم الحيلة بالضغط على سابك وغيرها!! فإن هذه الممارسة لا تختلف عن السرقة من حرز وبقدر تجاوز النصاب بالمليارات!! وعندما يلجأ آخرون إلى تصيد المعلومات وبسترتها ونقلها لتحقيق أغراض ومصالح خاصة على حساب الغافلين في السوق والاستفادة من معلومات داخلية فإن ذلك لا يختلف كثيراً عن مفهوم «استقبال الركبان» المنهي عنه في السنة النبوية الشريفة. أما عندما تكون المكاسب المشبوهة قد تجمعت (بالهبل) عن طريق الاشاعات والتوصيات الكيدية فالأمر يعود بنا إلى حالة السرقة على رؤوس الأشهاد، على سبيل المثال، قبل عدة أسابيع أطلق أحد كبار المضاربين إشاعة بأن لدى الشركة التي يسيطر على أسهمها أخباراً هائلة وأن سهم الشركة سوف ينفجر فتم الصعود بسعر السهم إلى الأعالي على قاعدة «يقولون» وعندما وصل السعر قريبا من هدف المضارب أنقض بدون رحمة على طلبات الغافلين الذين ينتظرون الخبر القنبلةورشها بعنف وأخذ يجني أرباحه على حساب أرزاق الآخرين!! ولأنه ليس للجشع نهاية قريبة فقد تمكن المضارب الشرس من منع هروب صغار المتداولين (عصافير السوق) بتسريب اشاعات أخرى تفيد بأنه لا داعي للقلق من استراحة بسيطة للسعر فالمضارب السعيد سيعود بالسهم الى الهاي السنوي بعد برهة من الزمن ولكن الانتظار طال على المعلقين والمتعلقين الذين يندبون حظاً عاثراً طرحهم بين أنياب وحش غابة كاسر!! ماذا تسمى هذه الحركة؟؟ بودي أن أضع علامات استفهام من هنا وحتى مبنى الفيصلية مقر هيئة سوق المال! هناك قصور مخيف في أخلاقيات التداول ينم عن جهل فظيع أم قصد مريع ولكن في كل الأحوال لابد وأن يكون لهيئة سوق المال دور ملموس في كبح جماح الأسماك الكبيرة التي تريد أن تلتهم الأخضر والأخضر فقط في سوق يتراقص على نفسيات هشة وضعيفة!!