حركة الاسهم في صعود وهبوط ، لا تكاد مؤشرات شاشة البورصة تهدأ لحظة ، وعليها العيون المترقبة ، والاذهان المتحفزة والجميع يتابع والاشرطة المتحركة اسفل الشاشات الفضائية تحمل آخر اسعار الاسهم تنافس اشرطة التهاني . صورة يومية كان من المألوف تصورها ومعايشتها مع الرجال الذين تشغلهم الاعمال ودنيا المال عن تفاصيل حياتهم اليومية ، بل ربما ايضا يمكن تصورها بسهولة مع المرأة العاملة وسيدة الاعمال التي تعرف معنى السوق والبورصة وصعود السهم وهبوطه ، اما ان تتخذ ربة البيت التي لا تقرأ ولا تكتب من المضاربة في سوق الاسهم عملا لها ! فقد كان هذا الامر مفاجئا بعض الشيء لي .. احمر .. اخضر في احد البنوك الكبيرة تحلقت حول شاشة البورصة عدد من السيدات يتابعن بشغف المؤشرات في صعودها وهبوطها ..كن مهتمات كثيرا بمراقبة ما يحدث على الشاشة بشكل اوحى بانهن يعرفن تماما ما يتابعن .. ولكن عندما تعرفت عليهن اكتشفت ان معظمهن اميات لا يقرأن ولا يكتبن .. هن ربات بيوت دخلن عالم البورصة عن طريق الصدفة ومازلن يتخبطن فيه رغم مرور اكثر من عام على اقتحامهن لهذا العالم .. تقول السيدة لطيفة محمد الحقباني (ام عبد المحسن)منذ اكثر من عام وانا اضارب ، قبل ذلك لم يكن عندي علم ولا خبر ولم اكن اعرف ماالبورصة ولا الاسهم ، جئت للبنك بهدف عادي ولفت انتباهي تحلق النساء حول الشاشة ، سألت فعرفت انهن يضاربن جلست بينهن وصرت مضاربة ! وتقول ام عبد المحسن :انا امية لا اقرأ ولا اكتب لكن اعرف ان المؤشر اذا صار احمر فهذا يعني تدني السعر واذا صار اخضر فهذا يعني ارتفاعه ! وحول ما جنته من المضاربة خلال عام تقول السيدة لطيفة:لا شيء ، حتى الان لم احقق اية ارباح ، اشتريت اسهما في شركات كثيرة ، اشتريت في الكابلات وفي الكهرباء وفي الاتصالات وفي المواشي وتضيف أعتقد ان ( الصبر زين الا في المواشي!).. لم احصل على نتيجة حتى الان بل بالعكس اسهم الاتصالات تسببت لي في خسارة .. يقولون ان الاسهم سترتفع ، كل يوم نسمع اخبارا واشاعات ، وتضيف (يلعبون علينا هللي في النت!).. مطلوب فروع تقاطعنا السيدة صباح محمد الاروفلي وهي تهم بالمغادرة فتقول : نحن نعاني من بعد المسافة ، فبيتي في المرسلات ولا يوجد حولي بنوك تضارب في الاسهم واضطر الى الذهاب الى احياء بعيدة جدا كي اضارب ، ليتهم يفتحون فروعا في كل مكان حتى يتسنى لنا الوصول اليها بسهولة بدلا من ان نشق على اهلنا في الحضور والانتظار والانصراف .. وتبادر الحاضرات الى التقليل من شأن هذه المعاناة قائلات ان مشكلتها مواصلات بينما المشاكل التي تتعلق بالبورصة ذاتها كثيرة واكثر اهمية ، فها هي نورة ابراهيم حمود النغميش وهي ربة بيت امية تحكي معاناتها مع المضاربة قائلة:لم اكن اعرف شيئا عن البورصة ولا حركة بيع وشراء الاسهم ، كان عندي اسهم في شركة سابك وقدمت للبنك لقبض الارباح ، لكن عندما وصلت وجدت السيدات يضاربن فانضممت اليهن ، صرت ابيع واشتري بعدما تعلمت المبادئ الاولى ..لكنني اشعر انني لم اتعلم شيئا فليس هناك من يوجهنا ، ولا من تكفل بتعليمنا حتى لا نخسر مرة ومرة ومرات .. اننا نمارس المضاربة دون ان نعرف .. لماذا لا تقام دورات قصيرة لتعليم السيدات فن البورصة قبل ان يدخلن اليها ، مسئولية من هي؟ .. انا في الحقيقة لا اعرف .. الارباح غير مناسبة من جانبها تشاركنا السيدة حصة الفهيد الحوار قائلة :نجتمع هنا كل يوم نتبادل المعلومات والخبرات ، نسمع الاراء ، نحاول ان نتعلم وان نفهم وان نستوعب ما يدور حولنا ، لكن مالا افهمه هولماذا لا تتناسب نسبة الربح مع سعر السهم ، هناك اسهم نشتريها بالفين ريال وعندما يصعد السهم لا يحقق الا ثلاثين اواربعين ريالا لماذا لا تتماشى الارباح مع السعر المرتفع للسهم الواحد؟ هناك شركات عملاقة سعر السهم فيها مرتفعا جدا لكن ارباحها ضئيلة ، وبالمقابل تعرفنا على شركات معتدلة اسعار اسهمها منطقية وارباحها ايضا منطقية مثل شركة الاسمنت ..وايضا تعرفنا على شركات لا تعطي ارباحا ولا خسائر محلك سر .. وتضيف السيدة حصة : انني اضم صوتي لزميلاتي ، نحن نريد ان نتعلم ونفهم ولا نعرف من اين نحصل على المعرفة .. انني هنا آتي صباحا ومساء ، دوام كامل كما يقولون ، احضر انعقاد البورصة في الفترة الصباحية واحضر انعقادها في الفترة المسائية ، اعتبر هذا عملا يشابه اعمال السيدات اللواتي يداومن في وظائفهن .. وهناك امر آخر اريد ان افهمه وهولماذا تجبرنا بعض الشركات على المساهمة في الاكتتاب فيها لرفع رأس المال ؟ بعض الشركات تجبرنا على شراء اسهمها لانها قررت زيادة رأس مالها ولا خيار لنا في هذا مثلما حدث مع شركة المواشي ؟ خسرت في المضاربة السيدة مريم سليمان محمد القاسم تدخل مباشرة في الحديث عن هبوط الاسهم الحاد في الفترة الاخيرة تقول : لقد خسرت مائتي الف ريال بسبب النزول المتكرر في اسعار الاسهم ولا افهم لماذا هبطت الاسعار بهذه الطريقة رغم ان ميزانية بلادنا حققت فائضا ممتازا بفضل الله وكانت مبشرة بخير ، اننا نسعى على عائلات وما يحدث في السوق يؤثر علينا بشكل مباشر وهو أمر لا يرضي الله .. وتتدخل الشابة الوحيدة في الحضور هنادي عبد الله العمر قائلة مالاافهمه انا هوسرعة انعقاد هيئة السوق لبحث ارتفاع الاسهم في حالة ارتفعت عن المعدل المنطقي وعدم انعقادها اذا انخفضت الاسهم عن معدلها المنطقي .. لقد اشترينا اسهم الكهرباء باسعار عالية وعندما ارتفعت الاسهم اعترضت هيئة السوق لكنها عندما انخفضت لم يعترض احد .. امس كانت لدينا سيدة هنا اصيبت بالاغماء لفرط خسارتها وتجمعنا حولها محاولين انقاذها .. التلاعب في البورصة امر مخيف ويمكن ان ينجم عنه خسائر ضخمة ليس في المال فقط وتشاركها التساؤل السيدة منيرة العمر قائلة : لماذا ينزل السعر فجأة ، نحن لا نفهم ، ولماذا يحدث اعتراض حين يصعد السعر ولا يحدث اعتراض حين ينزل .. اعتقد ان كبار المضاربين هم الذين يسببون لنا هذا الارتباك وهم لا يراعون ان صغار المضاربين لديهم احلامهم وامالهم وظروفهم التي يجب عدم القفز فوقها اواهمالها .. الهوامير يخيفوننا ترددت عبارة الهوامير كثيرا بين السيدات ولما استفسرنا عنها قالت السيدة صالحة الغامدي : الهوامير هم رجال الاعمال الكبار الذين يضاربون وفق مزاجهم ويسمحون للحزازات الشخصية ان تتحكم في السوق ، هؤلاء يصعدون بالاسهم وينزلون بها وفق امزجتهم وهم الذين يبثون الاشاعات التي تؤثر على حركة السوق .. المرأة خاصة من كانت مثلنا واغلبنا لا يقرأ ولا يكتب لا تنزل للسوق الا لكي تجد لنفسها مصدر دخل تعيل منه عائلتها ، كل واحدة منا لها قصة وكل قصة تقطع القلب فمنا التي باعت مصاغها ومنهن من باعت منزلها لتضارب بسعره ومنا التي اقترضت ، انا عن نفسي اقترضت لكي اضارب ، ليس لدي وظيفة وهذا المحل يعتبر الوحيد المفتوح والذي يمكن ان تدخله المتعلمة والامية ، كلنا فيه سواء ، نريد ان نستثمر لكن تنقصنا المعرفة .. وتضيف السيدة صالحة: لقد قرأت عن دورة في الاسهم ولما اردت الاشتراك فيها سألت عن قيمة الاشتراك وجدته ضخما جدا ليوم واحد .. من يستطيع ان يدفع الف او ثلاثة آلاف ريال في دورة ليوم واحد ..؟