اطلعت على كتاب الأخ الرائد محمد بن سليمان اليوسفي: «رحلات برية: مواقف، تجارب، خبرات، شخصيات». وتضمن الكتاب معلومات عن الحياة البرية، التي تحظى بها بلادنا، وعن أفضل الأشكال للاستمتاع بها، والمحافظة عليها. ولقد أعادني هذا الكتاب، إلى أزمان وأماكن، غادرتها أو غادرتني، وجعلتني أشعر إلى أي مدى، تكون علاقة الإنسان بالفضاء البصري، الممتد في الأفق إلى الأفق، وكيف هو دور هذا الامتداد في إزاحة الأعباء، عن كاهل الروح. اليوم، هناك قطاع كبير من شبابنا، يعيشون حالة تماس رائعة مع رحلات البر. ويكاد يكون فصل الشتاء، ممتزجاً لديهم، بروعة عناق الرمال البعيدة، النقية من كل أصوات الضجيج وروائح المدن. ولو أتيح لأحد هؤلاء الشباب، فرصة الاطلاع على مثل هذا الكتاب، لربما أضاف لنفسه قيمة لم يكن ليشعر بها، في انغماسه في هذه العلاقة مع آفاق الصحراء الشهية. من المؤكد ان علاقة آبائنا مع البر، غير علاقتنا به، وعلاقتنا به غير علاقة أبنائنا. لكن العامل المشترك في كل هذه العلائق، هو ما يمكن ان تمنحه الصحراء، لكل عاشق لها. فهي دوماً تتفحص هذا العاشق، وتهديه ما يتلاءم مع عشقه. ولا يمكن للصحراء الشامخة بصفاء سمائها وعذوبة رمالها وسحر هوائها، أن تعطي لعاشقٍ نفس ما تعطيه لعاشق آخر. كتاب الأخ اليوسفي جميل بجمال الصحراء، التي أجزم أنه عشقها عشقاً كبيراً، لكي يهديها هذا الكتاب.