قال القاضي الألماني ديتليف ميليس في تقريره الذي تسلمه أمس أعضاء مجلس الأمن أن تراجع الشاهد السوري هسام طاهر هسام عن شهادته للجنة الدولية بتورط مسؤولين سوريين في جريمة اغتيال رفيق الحريري إنما جاء نتيجة لقيام السلطات السورية باعتقال وتهديد بعض من أقارب هسام في سوريا وفقاً لمعلومات موثوقة تلقتها اللجنة الدولية وقال التقرير إن هذا التصرف من قبل اللجنة القضائية السورية المعنية بالتحقيق في اغتيال الحريري يدفع إلى التساؤل إن كانت هي حقاً ستقوم بتحقيقات نزيهة وشفافة ومهنية في هذه الجريمة. وقال إن اللجنة قد استمعت إلى شهادة شاهد جديد في أواخر أكتوبر الذي قدم بياناً شاملاً ومتماسكاً عن خطط اغتيال الحريري وإن ما قدمه هذا الشاهد تم التأكد من صحته وإن ما قاله يشير إلى من قاموا بالتآمر وبرعاية وتنظيم عملية اغتيال الحريري بما في ذلك تجنيد عملاء خاصين من قبل أجهزة الاستخبارات اللبنانية والسورية وتوفير أجهزة التفجيرات وتوجيه التهديدات إلى أشخاص مستهدفين والتخطيط لأعمال اجرامية أخرى. ونوه إلى أن شهادة هذا الشاهد قد عززت الأدلة المؤكدة حتى الآن ضد الضباط اللبنانيين الموقوفين وضد ضباط سوريين رفيعي المستوى. وقال إن اللجنة قد كشفت عن معلومات محددة حول الكيفية التي كانت أجهزة الأمن السورية تتحكم بالوضع الأمني في لبنان ومثالاً على ذلك فقد تم إبلاغ اللجنة بأنه بعد اغتيال الحريري قام مسؤول سوري رفيع المستوى بتزويد جماعات وأفراد في لبنان بالأسلحة والذخيرة لغرض خلق اضطراب وفوضى عامة كرد على أي اتهام لتدخل سوري في اغتيال الحريري. ولذلك فإن السلطات اللبنانية قامت بفتح تحقيقات منفصلة حول التخطيط لأعمال إرهابية لها صلة بهذه المعلومات. وفيما أكد تقرير ميليس على الصلاحيات التي منحها قرار مجلس الأمن (1636) للجنة الدولية بما في ذلك مطالبة سوريا باعتقال المسؤولين و الأشخاص السوريين الذين تعتبرهم اللجنة مشتبهاً بهم، فإن التقرير وصف التعاون من قبل السلطات السورية بالبطء وحث مجلس الأمن على تمديد عمل اللجنة لمدة ستة أشهر أخرى مؤكداً ثانية بأن على سوريا القيام بالتعاون الكامل وغير المشروط في الفترة القادمة من تحقيقات اللجنة. وقال تقرير ميليس إن اثنين من الضباط السوريين الخمسة الذين تم استجوابهم في فيينا أفادا في بياناتهما إلى اللجنة بأن الوثائق الاستخبارية السورية المتعلقة بلبنان قد حرقت. كما أن رسالة تلقتها اللجنة الدولية من السيدة غادة مراد رئيسة اللجنة القضائية الخاصة السورية أكدت على عدم العثور على أي شيء في ارشيف الاستخبارات السورية له علاقة باغتيال الحريري. ولم يتطرق تقرير ميليس بأي شيء إلى الرئيس اللبناني أميل لحود إلا أنه أشار إلى دور أحمد عبدالعال وجماعة الأحباش واصفاً ذلك الدور بالمهم جداً على ضوء الاتصالات التي تمت بين أحمد عبدالعال وبعض أفراد أسرته ببعض من المشتبه بهم الرئيسيين حيث أثبتت الاتصالات التي قاموا بها بأن هناك رابط بينهم وبين المشتبه به مصطفى حمدان ومسؤولين لبنانيين آخرين. وقال التقرير إن اللجنة الدولية قد حددت (19) شخصاً كمشتبه بهم وانه بناء على الادلة التي تم جمعها حتى الآن فإن هنالك سبباً يدفع للاعتقاد بأن هؤلاء الأشخاص ربما تدخلوا بطريقة ما في التخطيط أو التنفيذ لجريمة اغتيال الحريري أو قاموا بمحاولات متعمدة للتضليل على التحقيقات للحيولة دون الوصول لمرتكبي الجريمة. وافاد بأنه قد جرى احاطة هؤلاء الاشخاص بأنه مشتبه بهم وبأنهم سيظلوا أبرياء إلى أن تثبت ادانتهم بعد انتهاء المحاكمة. وقال ان استجواب الضباط السوريين الخمسة في فيينا قد تطرق الى مسائل واسعة ومتعددة ذات علاقة بالادلة التي جمعتها اللجنة في تحقيقاتها. وقال ان الضباط اللبنانيين الاربعة الموقوفين لم يتم استجوابهم ثانية في الفترة الماضية الى حين استكمال جمع الأدلة وتحليلها عن تورطهم في الجريمة. وقال التقرير ان تحقيقات اللجنة الدولية حققت تقدماً على المسار اللبناني اما على المسار السوري فلم يتحقق مثل ذلك التقدم وانه لهذا السبب فان وجهة نظر اللجنة تقضي بأن على سوريا متابعة تحقيقاتها بامانة وشفافية ومهنية والتقيد بالوقت في تجاوبها مع اللجنة الدولية وان يكون ذلك التجاوب كاملاً ومن دون شروط قبل ان تبت اللجنة في الحكم على مدى تعاون سوريا إن كان تعاوناً كاملاً أم لا وذلك حسب ما نصت عليه بنود قرار مجلس الأمن (1636) التي ينص اولها على قيام السلطات السورية باعتقال المشتبه بهم من قبل اللجنة سواء كانوا مسؤولين أو افراداً. وأعلن مسؤولان سوريان يشتبه في ضلوعهما في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري لمحققي الاممالمتحدة ان كل ملفات الاستخبارات السورية حول لبنان احرقت. وجاء في التقرير الذي تسلمه مجلس الامن الدولي اليوم الاثنين من لجنة التحقيق الدولية حول اغتيال الحريري ان «ما ادلى به مشبوهان يشير الى ان كل ملفات الاستخبارات السورية حول لبنان احرقت». والرجلان هما ضمن مجموعة من خمسة مسؤولين سوريين كبار، كلهم مشبوهون، خضعوا الاسبوع الماضي في فيينا لاستجواب لجنة التحقيق الدولية. من جهة اخرى، اكدت القاضية غادة مراد رئيسة اللجنة القضائية السورية الخاصة التي تحقق في اغتيال الحريري، انه لم يتم العثور على اي ملف حول اغتيال الحريري في المحفوظات السورية على ما جاء في التقرير ايضا. وقال تقرير لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي الالماني ديتليف ميليس «ان هذه المسائل تتطلب دراسة موسعة». وفي دمشق اكد فايز الصايغ المدير العام للتلفزيون السوري أمس الاثنين ان لدى سوريا شهادات جديدة تدحض تقرير ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري. وقال الصايغ في تصريح لوكالة (فرانس برس) ان «سوريا لديها شهادات جديدة غير شهادة هسام طاهر هسام وزهير الصديق وغيرها لم تكشف النقاب عنها لدحض تقرير ميليس الذي يندرج في اطار الضغوط ضد سوريا ولبنان». واشار الى ان «القرائن والادلة دحضتها شهادات مثل هسام والصديق وغيرهما مما كشف النقاب عنه وما لم يكشف بعد». واضاف الصايغ ان طلب توقيف اي مسؤولين سوريين «يفترض ان يحال الى سوريا وبدورها تحيله الى لجنة التحقيق السورية وهي المخولة بطلب الادلة والقرائن ومناقشتها»، مؤكدا أن «تقرير ميليس لا يشير الى اي دليل جنائي يتطلب توقيف الشهود السوريين».