لا يكاد الشاب المغامر: «البراء العوهلي» يترك شاردة ولا واردة في حياته إلا سجّلها! فهو اليوم عبر منصة «سناب شات» في حسابه albara24 يبث كل شيء تقريباً؛ من قهوة صباحه، مروراً بركضه اليومي ومشاريعه الدراسية، وانتهاءً بتفاصيل التفاصيل. هذا التوثيق الممنهج لتفاصيل الحياة « Life Logging» بدأ مبكراً؛ منذ حوالي تسع سنوات! رغبة منه في توثيق أحداث اليوم ومشاهد اللحظة، وكانت الانطلاقة على شكل مذكرات صورية لأحداث يومه، إذ كان يلتقط صورة لكل شيء يقوم به أو يزوره، بيد أن الفكرة تطوّرت واختلفت دوافعها خلال السنوات التالية بعد تخرجه من الجامعة، وتوسّعت من مجرد التصوير الضوئي، إلى مشاركتها صوراً ضوئية ومقاطع سردية عبر مختلف منصات الاتصال الاجتماعي. لكن ما الفائدة من بذل الجهد المرهق في توثيق كل شيء؟ كثيرة.. أولها أن التوثيق الحياتي يلعب دوراً أشبه ما يكون بالمرآة التي تعكس شخصيتنا، وتساعدنا على فهم دواخلنا بشكل أشمل. وعلى مراجعة يومنا دون ميلٍ أو تزييف، وبالتالي نستطيع تحديد مدى تقدمنا نحو تحقيق أهدافنا، وماهية الملهيات أو العقبات التي تقف في طريقنا نحو الأمام، كما أن الاستمرار به يدفع الموثّق لأن يكون أكثر حماسة للوصول إلى الهدف وتجاوز ما يضيّع وقته ويبدد جهده، ناهيك عن التشجّع على الخروج عن الروتين، والجرأة لخوض تجارب جديدة، ولبناء عادات مختلفة، والسبب أن مجرد ملاحظة رتابة وتقليدية يومك تجعلك أكثر ميلاً نحو التغير والخروج من الصندوق. يقول «البراء» الذي يدرس مبتعثاً الآن في اليابان: «التوثيق أصبح جزءاً من نمط حياتي، وهو في تطوّر وتغيّر مستمر»، وهو يسعى دوماً لتحسين أسلوب توثيقه ليكون أكثر بساطة وأعمق فعالية، فهو يجزم أن التوثيق يساعد على تنمية الكتابة والحديث، وما يتفرع منها من مهارات –نحتاجها جميعاً- كجمع المعلومات وتنسيقها وتلخيصها، ثم عرضها بأسلوب سردي واضح ومشوق، وكل هذا –أيضاً- يساعد على تفعيل مناطق إضافية في الدماغ، ويسهم في زيادة تدفق الأفكار والخواطر، ويزيدها ألقاً وبهجةً مع مرور الزمن. لذلك أضاف «البراء» أداة أخرى للتوثيق وهو كتاب التدوين، الذي أطلق عليه مسمى: «الكتاب الأسود» كناية عن لون غلافه، والذي يحمله معه أينما حل واستقر، ليسجل فيه خواطره وأفكاره عن أي شيء يقابله أو يعجبه، وليدعو من يخالطهم للكتابة أو الرسم أو حتى طباعة أختامهم على صفحاته! ولك أن تتصور غنى وتنوع ما خُط في الكتاب من مختلف البشر، والرائع أن الكتاب يتحول مع مرور الوقت إلى شريط سينمائي لأبهج لحظات الحياة، وهي ميزة إضافية تساعد على تجاوز الكآبة العابرة حينما تتصفح صفحاته وتستذكر تلك اللحظات الجميلة. الميزة الأخرى للتوثيق اليومي هي تحوله إلى أداة فعالة لتطوير مهارات السردي القصصي لتفاصيل اليوم، كما يفعل «البراء» كل لحظة عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وغني عن القول أن تحسين مهارة السرد القصصي تساعد على جذب مزيدٍ من الأصدقاء وعلى تطوير مهارة إيصال المعلومات المناسبة بالشكل المطلوب. يجزم الكثيرون أنهم يعرفون أنفسهم! بينما لو حاول أحدهم توثيق تفاصيل حياته ليومٍ أو اثنين ثم شاهدها؛ لاكتشف الغريب والمثير عن نفسه وعن سلوكه.. جرب وأنت الحكم!