يسعدنا زميلنا العزيز أ. محمد بن سليمان الأحيدب من وقت لآخر بمقالات جميلة ذات رؤية حادة وبصيرة، ولقد كان آخرها مقالته في عدد «الرياض» يوم الاثنين 19/10/1426ه حول ارتفاع أسعار الأدوية في المملكة، وقد ذكر زميلنا العزيز عدداً من الأفكار والتي كانت مطروحة في السابق ولم يكن من الممكن تطبيقها أو الاستفادة منها. كما ذكر مقارنة لم تكن مناسبة في موضوع المقالة أصلاً وهي المقارنة بين عالم الدواء وأسعاره وبين أسعار التبغ ومشتقاته. الزميل العزيز أعرفه كمحاور جيد ومجادل أكثر جودة وهنا أقف لحظة لأقول ان الجدل أمر رائع بل انه بالنسبة لنا كأمة إسلامية يعتبر فرضاً على كل مسلم ومسلمة لأنه قد وجّه الأمر لرسولنا الأكرم ومن ثم على سائر أمة الإسلام جماعات وأفراداً. ولكن الجدل يقوم على ركنين أساسيين وهما الخلفية الثقافية الواسعة والمرجعية الفكرية لموضوع الجدل ومن خلال القراءة لكثير من المواضيع التي تطرح في صحافتنا العزيز فإن المرء يحار في مدى توافر أي أو كلا الركنين. أعود للموضوع الأهم وقد ذكر بأن الارتفاع الحاصل فوق 30٪ للأدوية. وهنا يجب الوقوف لأن ما طرح يصور الأمر بأن مجمل أدويتنا المسجلة في وزارة الصحة والتي تجاوزت 6500 صنف قد نالها الارتفاع وبهذه النسبة المذكورة والصحيح ان الذي تم رفع نسبته هي الأدوية المسجلة بعملة اليورو فقط. والسنوات التي يذكرها الزميل بأن الوزارة لم تستجب فيها لوكلاء شركات الأدوية كانت السنتان الأولى والثانية لطرح عملية اليورو وعندما كانت هذه العملة تتأرجح ما بين 97 - 100 سنت مقابل الدولار ولكن عندما وصل ارتفاعها 120 - 130 سنتاً لكل يورو فإن ذلك أكثر مدعاة ومنطقاً للمناقشة والمحاورة وليس للضعف والخضوع كما يحاول تصويره زميلنا العزيز. الأمر الآخر والأهم انه عندما تم رفع نسبة منتجات دول منطقة اليورو كانت الوزارة قد تأكدت بشكل قاطع عن أسعار هذه المنتجات في الدول المحيطة بالدول أو الدول المنتجة من أن أسعارها التي طالب بها الوكلاء هي أقل من تلك الأسعار في الدول المعنية وكذلك أقل من الأسعار في الدول المحيطة بالمملكة كدول الخليج العربي والأردن ولبنان. ويمكن بذلك إعطاء عشرات الأمثلة. أخلص من ذلك أن الأسعار التي تم الموافقة على رفعها تم تخفيض ما يقارب 11٪ من سعرها عند تراجع اليورو أمام الدولار وقد تم ابلاغ الوكلاء بذلك ابتداء من شهر يونيو 2005م على أن يتم التطبيق في أول شهر نوفمبر 2005م وقد امتثل الوكلاء لذلك بمعنى ان الدواء الآن أقل سعراً مما تم الاتفاق عليه في بداية سنة 2005م. كما ان الوزارة تسعى الآن وبشكل حثيث على تثبيت سعر الدواء بالدولار بحيث أن سعر المنشأ والتصدير يذكر دائماً بالدولار وليس بأي عملة أخرى وبذلك وفي خلال أشهر معدودة فإننا بإذن الله سنصل لهذه النتيجة والتي ستثبت سعر الدواء على مدى سنوات. قبل أن أنهي هكذا جواب على تساؤلات زميلنا أود أن أذكره بأن الفقراء والمحتاجين ممن يتساءل عن تأمين أدوية الضغط والسكر قد كفلت الوزارة الدواء لهم مجاناً وليس حتى برسوم أو غيره كما يذكر عن بعض مستشفيات القطاعات الصحية الأخرى. كما ان هناك أمراً آخر في غاية الأهمية قد أهمله أو تغاضى عنه صديقنا وهو الأدوية الأخرى الجنيسة أو المماثلة في الاسم العلمي والتركيز والشكل الصيدلاني للدواء الأوروبي ولكننا لا نقوم بما يجب من التثقيف الدوائي المطلوب للجمهور واعتقد ان القريبين من الصحافة مثل زميلنا عليه دور مضاعف بنشر مثل تلك الثقافة، ما الذي يمنعه من تقديم عامود يومي في الصفحة الصحية اليومية عن الأدوية المثيلة وعن أسعارها فهي موجودة على موقعنا الالكتروني بكل تفاصيلها وهي مادة جيدة كموضوع للنشر والتثقيف. ولعلي هنا أضرب مثالاً أو مثالين عن أدوية معروفة جداً لأغلب الجمهور وهما ايبوبروفين كمسكن واموكسيسيللين كمضاد حيوي معروف. الأول مصنع في كل مصانع الأدوية في المملكة والخليج تقريباً وكذلك في الأردن ومصر العربية وسعره يتراوح ما بين الشركة المصنعة الرئيسة 15 ريالاً للعلبة. والشركات المنتجة المحلية والعربية الأخرى يتراوح ما بين 8 - 13 ريالاً وليس له براءة اختراع ومن ثم يصنع في أي مصنع من مصانع الأدوية حول العالم. المستحضر الآخر المضاد الحيوي في جرعته 250ملجم سعره لدى الشركة المصنعة الأولى 30 ولكنه يصنع عند بعض المصنعين المحليين أو من الدول المجاورة وبنفس الكفاءة كما تدل على ذلك نتائج تحليل المختبر المركزي إلى 7,50 ريالات/ 20 كبسولة. لذلك فإن البدائل موجودة، فقط المطلوب هو تثقيف الجمهور وان يكون لدينا العزيمة على أن نختار البديل المناسب حسب الميزانية المتوافرة لكل شخص. المثالان المذكوران ينطبقان على أغلب إن لم يكن كل الأدوية المسجلة في المملكة عدا الأدوية الحديثة جدا، ذات التميز النوعي والذي مازالت تحت براءة اختراع الشركة المصنعة لها. فإن الأنظمة العالمية ومنها أنظمة منظمة التجارة العالمية تشدد على مبدأ الحماية ولعل مثال دواء التامفلو المضاد لفيروس انفلونزا الطيور خير مثال على ذلك. ما كنت راغب في الاطالة ولكن تكرار الحديث عن هذا الموضوع قد طرح بطرق مختلفة في هذه الجريدة الغراء والتي أخذت كما يبدو على عاتقها خلق الوعي الاجتماعي عن الموضوع ذاته، مع أننا نتمنى أن يكون طرح الوعي الاجتماعي شمولياً وواسعاً حتى نعطي الجمهور حقه في الاطلاع والمعرفة. مع دعواتنا لكم بالتوفيق... *المدير العام لإدارة الرخص الطبية وشؤون الصيدلة وزارة الصحة لقراءة مقال الاحيدب كاملاً.. فضلاً أضغط على الرابط التالي بصوت القلم.. ارتفاع سعر الدواء حفظ طباعة تكبيير * 1 * 2 * 3 * 4 * 5 قيّم هذا الموضوع