يرى بعض نقاد الأدب والسينما أن الكاتب أو المخرج يتجنب معالجة هموم مهنته في عمله الإبداعي إلابعد رحلة طويلة تسمح له برواية تفاصيل المهنة من واقع خبرة فعلية لكن مخرجا إماراتيا بدأ من النهاية فأراد أن يصرخ في فيلمه الأول موجها الاتهام إلى الذين لا يدعمون السينما في بلاده. والفيلم الذي أخرجه وشارك في كتابته ومونتاجه هاني الشيباني حمل عنوان (حلم) ويعد أول فيلم روائي طويل في دولة الإمارات التي تنظم للعام الثاني على التوالي مهرجان دبي السينمائي الدولي للأفلام الروائية الطويلة بمشاركة عربية وأجنبية لافتة. وتدور أحداث الفيلم حول عدد من الأصدقاء يريدون أن يصنعوا فيلما سينمائيا حيث تتباين الرؤى في كيفية كتابة السيناريو ومعالجة أحداث الفيلم المتوقع أن يصنعوه من خلال أشخاص يتعرضون للتيه في الصحراء ويبحثون عن وسيلة للخروج أو مجرد استمرار حياتهم بالعثور على نبع ماء. وعرض الفيلم مساء أمس الأول في قسم السينما العربية الجديدة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي بدأت دورته التاسعة والعشرون الثلاثاء الماضي وتختتم في التاسع من ديسمبر الجاري بمشاركة 140 فيلما تمثل 48 دولة. وتتوازى أحداث فيلم داخل الفيلم من خلال مشاهد توضح مراحل كتابة السيناريو وطريقة تنفيذها عمليا. فبطل الفيلم المخرج طارق ينطق طوال الوقت بلسان الشيباني موجها الكلام إلى كاتب سيناريو الفيلم الذي يريد إخراجه قائلا بطريقة تبدو مباشرة «بدون حلم ما نقدر نعيش... الإنسان يحلم ويعيش ليحقق حلمه». وسبق أن تعرض عدد من المخرجين لتجربة صناعة فيلم بالمزج بين الشخصي والروائي متعرضين لمتاعب المهنة وأسرارها منهم الأمريكي بوب فوس في (كل هذا الجاز) الحائز على السعفة الذهبية من مهرجان كان عام 1979 والمصري يوسف شاهين في (حدوتة مصرية). وفي الندوة التي أعقبت عرض الفيلم قالت الناقدة المصرية فريال كامل إنها كانت تنتظر من المخرج الإماراتي الذي يقدم أول فيلم في بلاده أن يعكس بعض تفاصيل الحياة الاجتماعية التي تشير إلى هوية الأبطال أو المخرج. وأوضح الشيباني أنه كان معنيا بصنع «حراك في واقع الإمارات من أجل (إتاحة) مناخ يصلح لوجود سينما إماراتية». ونفى المخرج الذي تخرج في كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 2000 وجود حركة سينمائية في بلاده مشيرا إلى أنها «تنشأ على استحياء... على المستوى الحكومي لا يوجد اهتمام بالسينما باستثناء مسابقة للأفلام القصيرة ومهرجان دبي». وأشار إلى أنه سعى مع عدد من أصدقائه بمجهودات شخصية وإنتاج مستقل لصناعة فيلم في ظل «انعدام الخبرة والإمكانات». لكن بعض النقاد تساءلوا عن إمكانية تعاطف الجمهور الإماراتي مع مثل هذا «الفيلم الشخصي» في حين كان بإمكان صناعه أن يعالجوا قضية محلية ملحة تدفع المشاهدين إلى الاعتياد على ارتياد السينما ومشاهدة أفلام محلية تمس شيئا يخصهم بمعالجة عالية المستوى.