إذا أراد الإنسان أن يتحدث عن نكران الجميل، فإن النفس البشرية بشكل عام يُخيم عليها ظلام دامس وأوهام متنوعة تتداعى على النفوس البشرية كما قيل في المثل تتداعى الأكلة على قصعتها هذه الأشباح المتنوعة التي تستمد من الظلام والسكون وحشيتها كل هذه الأمور وهذه العبارات التي ذكرتها آنفاً ينتابها نوع من الصّور المعتمة والأشكال المتعددة لبعض نفوس البشر في هذا الكون الفسيح. فإنها لا تستطيع أن تتسلل إلى أعماق قلوب يستقر فيها الإيمان، فالإيمان شمعة تضيء جميع جوانب النفوس البشرية ولا تبالي بجميع الأرتال من الظلام الدامس، التي يلقيها المرء على صدر هذا العالم الفسيح، فالايمان العميق كله رياض كله زهور جميلة الشكل ندية متفتحة لا يُخفى جمالها. هذا الظلام المشئوم لا يستر روعتها أثواب سوداء قاتمة اللون كثيرة الثقوب والرقع التي تغطيها الأتربة والأوساخ المتنوعة أيها الإنسان الناكر للجميل، إن صور ظلامك وسكون حركاتك البطيئة التي تسير سير سلحفاة ينتابها الوهن والأرق والمرض كل هذه الأمور لا تستطيع أن تحجب عن عينيك ضياء النجوم الساطعة في السماء ولا القمر المنير المتلألىء في كمال نوره حيث الإيمان الذي يمد فيه القلب قوته وثباته كفيل به. أن يفتح للعيون نوافذ كبيرة للنور من خلال هذه النوافذ التي تطل على عالم الأمل والحب والاعتراف بالجميل. الصَّحيحة أنه شيء كبير وعظيم وجبار في أحلك الظروف وأصعبها، فبعض الناس مصابون بداء وهو داء نكران الجميل يشفون منهم في بعض الأمور إذا كان الأمر في صالحهم. سواء كان الأمر مرتبطاً بمال أو غير ذلك من أمور الحياة إذا كان الأمر متعلقاً في أعناقهم فإنهم يستسلمون لهذا الداء الخطير الذي يجعلونه وسيلة من وسائل الهروب من الحقيقة والبعد كل البعد عن طريق الحق وهكذا. نسمع ونرى عبر ألسنة كثير من الناس أن الذين يرتكبون هذا الداء الخطير هم من الأقربين تماماً فما بال الأشخاص البعيدين فهم بكل بساطة يتعاملون مع هذا الداء الخطير بكل وسيلة وسهولة يحركونه على حسب أهوائهم ورغباتهم بدون خوف من الله أو حياء من الناس فيكون هذا الداء في تلك الحالات التي ذكرتها آنفاً مرضا اجتماعياً خطيراً يُفتك بنفوس هذه الأمة التي تنساق خلفه بدون بعد نظر. وهناك فئات من البشر لا تذكرك لا في الشّدة ولا في الرّخاء وهناك فئة تنسى الاساءة ولكنها لا تنسى الظلم والحقد وهناك فئة تنسى المعروف تماماً وهناك فئة تنسى أنها تنسى. وهذه هي الطامة الكبرى ألا ترى أن هذه النجوم عندما تكون في قمة نشوتها باكتمالها يبدأ النقص في جسدها المضيء رويداً رويداً كما أن العمر أيضاً. سبحان الله العظيم سبحان الله العظيم سبحان الله العظيم أقولها ثلاثاً وأكررها مراراً وتكراراً ما أعجب هذه الحياة. وما أغربها بل ما أعجب حياة البشر فيها وما أغربها ألا ترى أيها الإنسان العظيم في خُلقك وتكوينك أيها الإنسان الضعيف أمام خالقك ومدبرك أيها الإنسان البسيط في أفكارك ومعلوماتك ألا ترى أنك تثقل في تصرفاتك في تعذيب إنسان حزين النفس كاسف البال إذ تجلب إليه هموم الدنيا إلى همومه لظلامك القاتم الذي لا نرى له أطرافاً أو أبعاداً لأنه يمثل تفوقك الباهر على هذا المرء الضعيف المسكين وهذا والله شر انتصار على النفس البشرية على بعضها البعض.