لم يكن الرئيس جاك شيراك وحيداً في حياته كما كان يوم الثلاثاء الماضي، يوم عيد ميلاده الثالث والسبعين، ولم يكن أحد أجدر منه بترديد ذلك البيت العربي الشهير.. عيد بأية حال عدت ياعيد جاء في الأخبار أن الرئيس سيحتفل بعيد ميلاده مع المقربين منه، وجاء التعليق ممعناً في العزلة: لم يعد هناك مقربون عدا زوجته وابنته.. عزاؤه الوحيد انه سيظل رئيسا إلى عام 2007م، عام الانتخابات الرئاسية التي لا يبدو ان له أدنى حظ في الفوز بها. هو الذي قضى أربعين عاما من العمل السياسي والاجتماعي الى أن حقق حلمه المتمثل في رئاسة الجمهورية لكنها رئاسة انتزعها مرؤوسوه من اليمين أو اليسار، وظل في أغلب الأوقات معطلا في قصر الاليزيه إلى أن تأتي فرصة يمثل فيها فرنسا خارج فرنسا، أما الشأن الداخلي فقد تم تحييده في معظم المدة التي تولى فيها رئاسة الاليزيه، ولعل أهم مظاهر تغييبه وتحييده هو اختفاؤه أثناء أحداث الشغب الأخيرة. التي تنازع الظهور فيها اثنان من أقرب أعوانه، أحدهما رئيس الوزراء دومينيك دوفلبان والرجل الأكثر خطورة نيكولا ساركوزي وزير الداخلية الذي انتزع من شيراك زعامة الحزب الحاكم وربما زعامة فرنسا التي تؤيده بنسبة مخيفة تصل إلى سبعة وستين في المائة وقد تخلى عنه كل أصدقائه الذين ساندوه طيلة حياته السياسية حيث صرح أحدهم «برناربونس» بأنه كان يسانده اعتقادا بأنه يملك مؤهلات لقيادة فرنسا، وكل هؤلاء الذين رافقوه طيلة الأربعين عاما انفضوا عنه وهم يؤكدون أنه قاد فرنسا إلى الأسفل وإلى الخلف وأنه لم يعد ذا مصداقية لا في الداخل ولا في الخارج. ويشير المقربون منه والمراقبون بأنه لن يترشح ثانية في عام 2007 لأسباب عديدة يأتي في مقدمتها هزيمته في الاستفتاء على الدستور الأوروبي الذي رفضه الفرنسيون ومعه رفضوا شيراك. السبب الثاني هو ما ظهر عليه من عجز وشيخوخة وخصوصا بعد العارض الصحي الخطير الذي تعرض له قبل فترة في المخ وتسبب في أذى بالغ في إحدى عينيه. وأياً تكن الأسباب فإن بعض المراقبين ما زالوا متفائلين بعودة شيراك كما عودهم كالمارد بحجة أنه هو الذي صنع اعداءه وبالتالي فان في إمكانه تدميرهم ايضا. وسواء استعاد الرئاسة أو فقدها، فان أجمل هدية وأكثرها وفاءً هو ما عبر عنه خادم الحرمين الشريفين من حب واحترام لفخامته حين وصفه بأنه يشبه العربي الأصيل في تصريحاته للأستاذ جهاد الخازن في جريدة الحياة والمؤكد ان تصريحات خادم الحرمين الشريفين جاءت بردا وسلاما في هذه الأيام العصيبة التي يعيشها صديق العرب وحليفهم «شيراك العربي». كل عام وأنت بخير يا فخامة الرئيس .. كل عام وأنت صديق لبلادنا.