أراد القائمون على هذه الصفحة من القيادات الامنية ان تكون منبراً حراً لنقاش القضايا والموضوعات الامنية التي تهم مجتمعنا الكريم، بحيث نعرض جوانب القصور والخلل في عمل القطاعات الامنية ونحاول مناقشتها وتقويم المعوج منها وفي نفس الوقت نشيد بجوانب النجاح والتميز ونشد على القائمين خلفها ليستمر التقدم والتطور. وفي هذا الاسبوع نناقش قضية غاية في الاهمية تتجدد فصولها مع بداية كل عام دراسي ألا وهي مشكلة حوادث نقل المعلمات والتي كثر الحديث حولها من جميع فئات المجتمع وكثرت الاتهامات من المواطنين فهناك من يتهم وزارة التربية والتعليم بالتقصير في هذا الجانب وآخر يتهم وزارة النقل وثالث يلقي باللائمة على وزارة الداخلية ممثلة في اجهزتها الميدانية كأمن الطرق والمرور وطال الاتهام كذلك وزارة الإعلام لتقصيرها في الجانب التوعوي.والقضية تبدأ عندما تجد المعلمة انها قد وضعت في مدرسة تحتاج الى ان تسافر ساعات طويلة لتصل الى مبتغاها وهنا تبدأ المعاناة. وهذه المسافة الطويلة لا تخلو من مفاجآت على الطريق أدت الى وفاة العشرات من هؤلاء المعلمات واصابة اخريات. وفور وقوع هذه الحوادث تتجه اصابع الاتهام الى الاجهزة الامنية بالتقصير في منع هذه الحوادث او التقليل من آثارها، ونحن هنا لسنا في مقام المدافع عن اجهزة الامن بل نحاول التعرف على جميع جوانب هذا الموضوع الهام. فلا يكاد يمر يوم من الايام إلا ونقرأ في الصحف عن حادث هنا وهناك يروح نتيجته أنفس بريئة. وبالعودة الى بعض الاحصائيات نجد ان منطقة الرياض هي الاعلى من حيث عدد حالات الحوادث المرورية لنقل المعلمات، حيث بلغت 17٪ تليها منطقة عسير بنسبة 14٪ ثم منطقة مكةالمكرمة بنسبة 13٪ اما اقل الحالات فكانت في منطقة حائل بنسبة 2٪ ثم المنطقة الشرقية بنسبة 3٪ ثم الباحة بنسبة 7٪. وتعود كثرة الحوادث المرورية لنقل المعلمات في منطقة الرياض الى كثرة القرى والهجر والتي تعتبر ذات مسافات بعيدة بفعل الاتساع الجغرافي للمنطقة، حيث ان مجموع اطوال الرحلات اليومية التي تقوم بها المعلمات في قطاع التعليم الى خارج مدينة الرياض يقدر بعشرات الآلاف من الكيلومترات، وبلغ متوسط المسافة المقطوعة 106 كيلومتر للرحلة المفردة الواحدة، وتتراوح طول مسافة الرحلات بين 25 و250 كيلومتر، أما في منطقة عسير فتعزى حوادث المعلمات فيها لطبيعتها الجبلية ووعورة بعض الطرق في القرى والهجر وطول رحلات العمل اليومية.كذلك نجد ان حوادث التصادم بين سيارتين هي الاعلى بنسبة 59٪ تليها حوادث انقلاب السيارات بنسبة 34٪ ثم حوادث الخروج عن الطريق بنسبة 2٪ وقد جاءت حوادث التصادم مع جسم ثابت والسقوط من السيارة والارتطام والدهس بأقل نسبة وبشكل متساو 1٪. وتمثل حوادث التصادم بين سيارتين ثلثي الحوادث المرورية للمعلمات، وتتفق هذه النتائج مع التقرير الاحصائي السنوي للادارة العامة للمرور، بأن معظم الحوادث المرورية التي تقع بشكل عام وليس حوادث نقل المعلمات فقط عبارة عن تصادم بين سيارتين، حيث تشكل النسبة 83٪ تليها حوادث الانقلاب بنسبة 3٪. وبينت احدى الدراسات بأن نسبة حوادث السرعة الزائدة بلغت 32٪ يليها انفجار الإطار بنسبة 22٪ ثم عدم انتباه السائق بنسبة 9٪ أما اقل اسباب الحوادث فكانت الدخول والخروج الخاطئ اثناء القيادة بنسبة 1٪ وجاء نوم السائق بنسبة أعلى وهي 3٪ وتشكل الحوادث الناتجة عن ظاهرة صدم الابل بنسبة 7٪ وهي ظاهرة آخذة بالتصاعد. كما أشارت دراسة اخرى الى ان سيارات الجيمس هي الاعلى في التورط في الحوادث المرورية لنقل المعلمات بنسبة 43٪ تليها الباصات بنسبة 24٪ ثم سيارات الونيت بنسبة 14٪ ثم سيارات الجيب 3٪ والحافلات 2٪. ومن خلال معاينة الحوادث المرورية لنقل المعلمات يتضح ان اكثر من نصف عدد الحالات 58٪ يكون في الفترة الصباحية وثلثها في فترة الظهر والعصر واقلها في الفترة المسائية، كما اتضح ان شهر شعبان هو اكثر الاشهر التي حدثت فيها حوادث يليه شهر ذو القعدة. إذاً من خلال مطالعة هذه الارقام فإننا نجد مشكلة كبيرة تفرزها حوادث المعلمات من خلال استنزاف وطني هائل جراء هذه الحوادث الهائلة. والمتابع لما تنشره وسائل الإعلام حول هذا الموضوع يجد مطالبات دائمة للاجهزة الامنية بالحزم في هذا الموضوع ووضع حد لهذه الحوادث المرورية. ومن الانصاف هنا ان نذكر ان اجهزة الامن ممثلة بأمن الطرق تقيم نقاط تفتيش متعددة على الخطوط الطويلة لضبط المتهورين وتنبيههم الى ما اقترفوه من مخالفات بهدف ضبطها كذلك ما تقوم به اجهزة المرور من رصد ومتابعة بالتعاون مع أمن الطرق للطرق الداخلية والخارجية بهدف تحقيق السلامة. كذلك ما تقوم به الادارة العامة للعلاقات والتوجيه من جهود لرفع مستوى الوعي لدى مستخدمي الطرق وكل هذا سعياً للحد من هذا النزيف المؤلم. كما ان هناك متابعة للمتهورين من خلال اجهزة الرادار والتي تساهم هي الاخرى في ردع هؤلاء المتهورين وضبطهم. فهذه اذاً بعض الجهود التي تبذلها اجهزة الامن للاقلال من هذه الحوادث المريعة، ولا ننسى هنا ان نشير الى ان الاجهزة الامنية الميدانية تتابع وبشكل مكثف، وتعد خططها الامنية التي تهدف الى سلامة مستخدمي الطريق. ولعل من المطالب الجيدة الموجهة الى اجهزة الامن هي الزام مالكي سيارات نقل المعلمات بالفحص على هذه السيارات كل ستة اشهر ليتم ضمان اداء جيد لهذه السيارات، مما يحقق السلامة والقيادة الآمنة على الطريق ان شاء الله.