توقع عقاريون ومحللون أن تسفر موافقة مجلس الوزراء على فرض رسم سنوي على الأراضي البيضاء داخل حدود النطاق العمراني بما يعادل 2.5% من قيمتها، عن نشاط قطاع التطوير بعد نحو عام من الآن، وتؤسس لطفرة تعزز من ضخ المساكن في السوق، وتسهم في حل أزمة السكن في أوقات قياسية، أسرع مما كان متوقعاً من قبل، مشيرين إلى أن كل الحلول التي جاءت بها وزارة الإسكان منذ تأسيسها قبل أربعة أعوام، لحل الأزمة لم تكن مجدية بما فيه الكفاية، وكان لابد من أنظمة جديدة تعزز خطط الوزارة. ودعا الرئيس التنفيذي لشركة وثرة عبدالرحمن بن عدنان المهيدب، إلى النظر للرسوم على الأراضي البيضاء على أنها حافز لملاك الأراضي على استثمارها، سواء بالتطوير إلى منتجات قابلة للبناء أو بيعها للآخرين، مشيرين إلى أن النظرة للرسوم على أنها نوع من العقاب لملاك الأراضي غير المستغلة، لن يسفر إلا عن خسارة للملاك أولا والمجتمع ثانياً. ويعد فرض رسوم على الأراضي البيضاء أحد أقدم المطالب التي دعا إليها عدد من العقاريين والمختصين الذين تنبؤوا بأزمة سكن في البلاد قبل نحو 15 عاماً، في المقابل، حذر آخرون -آنذاك- من فرض هذه الرسوم، وقالوا إن المواطن (المستفيد الأخير من الأرض) هو من سيتحمل قيمة هذه الرسوم، بإضافتها على سعر الأرض التي يريد شراءها. وكان مجلس الوزراء حسم يوم الاثنين الماضي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، قرار رسوم الأراضي البيضاء، بعد أشهر من المناقشات والمداولات للقرار في مجلس الشورى، حيث فرض مجلس الوزراء رسماً سنوياً على الأراضي البيضاء داخل حدود النطاق العمراني بما يعادل 2.5% من قيمتها، على أن يتم إيداع مبالغ الرسوم والغرامات المحَصَّلة من مخالفي النظام في حساب خاص لدى مؤسسة النقد العربي السعودي للصرف على مشروعات الإسكان، وإيصال المرافق العامة إليها، وتوفير الخدمات العامة فيها. وبذلك وضع المجلس نظام «رسوم الأراضي البيضاء» في مسار التنفيذ، بعد الموافقة السابقة لمجلس الشورى عليه بعد دراسته وإجراء التعديلات اللازمة على نصه الذي أعده مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. مستحقو الدعم السكني ودعا المحلل الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة إلى النظر إلى إيجابيات فرض الرسوم على الأراضي البيضاء. وقال: "الدولة تهدف من هذه الرسوم، إلى تخفيض أسعار الأراضي البيضاء، وعدم احتكارها من قبل البعض، ومن ثم تداولها بسلاسة"، مشيراً إلى أن "أسعار الأراضي قبل فترة كانت غير منطقية، ببلوغها أرقاما تجاوزت حد المنطق والمعقول، حتى عندما تم تأسيس وزارة للإسكان قبل نحو أربعة أعوام، ظلت أسعار الأراضي مرتفعة جداً، ولم تجد الوزارة نفسها أراضي لبناء مشروعات السكن عليها، أو لتوفير منتجات عقارية توزعها على مستحقي الدعم السكني، وكان لابد من نظام فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، الذي أرى أن إيجابياته على السوق العقاري كبيرة ومتنوعة، إذ يكفي أنها ستشجع مالك الأرض على بنائها واستثمارها في صورة مشروعات سكنية أو تجارية، أو أنه يعرضها للبيع لمن يريد أرضا يبني عليها منزله، وهذا كله سيسفر عن طفرة عمرانية كبيرة، ستعم أرجاء المملكة، وتبلغ ذروتها بعد عام من الآن، أي عند تحصيل الرسوم على الأراضي البيضاء". وأضاف باعجاجة "الذين ينظرون إلى رسوم الأراضي البيضاء على أنها عائق أمامهم، هم من محتكري الأراضي، وهؤلاء عليهم أن يغيروا نظرتهم إلى الأراضي على أنها أداءة استثمارية، يجب أن تستغل، بدلاً من أن تكون بيضاء فارغة، لا فائدة منها، بينما هناك من يتمنى الحصول على قطعة أرض بسعر معقول، ليبني عليها منزله الذي لطالما حلم به"، مؤكداً أن "عدم توفر الأراضي البيضاء الصالحة للبناء بأسعار معقولة، هو السبب الرئيسي والمباشر لأزمة السكن في المملكة، رغم المساحات الشاسعة التي تنعم بها المملكة، باعتبارها أكبر البلاد العربية مساحة". مواد البناء لفت العقاري نبيل المحضار النظر إلى أن "العقار" هو ثاني أكبر قطاع استثماري في المملكة بعد النفط. وقال: "أسعار النفط اليوم غير مستقرة، والمملكة حريصة على تنويع مصادر الدخل في البلاد، وأعتقد أن انتعاش القطاع العقاري، كفيل بسد التراجع الحاصل في قطاع النفط، عن طريق ضخ المزيد من الاستثمارات في العقار، بهدف حل أزمة السكن قبل أن تستفحل أكثر وأكثر. وأضاف المحضار: "يجب على كل القطاعات ذات الصلة بالعقار، مثل المقاولين، وتجار مواد البناء والصيانة والتشطيبات وغيرها، أن تستعد لما ينتظرها من طفرة عمرانية، ستعزز ثقة المستثمرين في القطاع العقاري، وتجلب له الكثير من الاسثمارات، وخاصة من سوق المال، الذي أكد أنه قطاع متذبذب، وغير مستقر وغير مضمون العواقب والنتائج"، متوقعاً أن "تشهد مناطق المملكة الكثير من المشروعات السكنية الخاصة، التي سيقبل عليها العقاريون والمستثمرون، وسيساهم في تعزيز هذه الطفرة خفض أسعار الأراضي المتوقع بنسبه تتراوح بين 20 و30 في المئة خلال العام الأول من تطبيق رسوم الأراضي البيضاء". عبدالرحمن المهيدب د. سالم باعجاجه