ما أن صارت المملكة عضواً في منظمة التجارة العالمية حتى سارعت الهند إلى الطلب من المملكة أن ترفع الحظر الموضوع على استيراد الأسماك من الهند.. وهذا الخبر الذي نقلته جريدة الشرق الأوسط هو أحد تداعيات انضمام المملكة إلى المنظمة ولكنه، بالطبع، ليس أهمها فالكثير من التداعيات سيتوالى.. وهذا جوهر الفكرة في الانضمام إلى المنظمة والدخول إلى عالم التجارة العالمية من أوسع أبوابه.. قد يجد البعض أن هذا الخبر طريف، لكن اقتصاد الهند لا يقوم على تصدير السمك إلى الخارج (ولا حتى على تصدير البشر: العمالة!).. فالهند تتمتع بقدرة انتاجية عالية تشمل ما لا يحصى من السلع والخدمات.. كما انها تملك أسواقاً واسعة للاستهلاك والاستيراد قوامها حوالي مليار إنسان.. وقد تكون القدرة الشرائية لمعظم الهنود متواضعة في الوقت الحاضر لكن الشعب الهندي مجتمعاً يمثل قوة استهلاكية وشرائية هائلة.. وهذا يعني ان آفاق التجارة مع هذه الدولة كبيرة للغاية.. وعلى سبيل المثال يمكن ان يكون تصدير البيتروكيماويات السعودية إلى الهند مصدر دخل عظيماً للمملكة.. كما ان براعة الهنود في مجال البرمجيات وما يتصل بالكومبيوتر اصبحت حديث العالم بما في ذلك أمريكا وأوروبا.. وإجمالاً فإن حرية تدفق التجارة ستخلق فرصاً عظيمة للجميع.. والشطارة هنا هي في كيفية التعرف على ما يمكن انتاجه أرخص وأفضل من الآخرين.. فإذا كانت الهند تستطيع ان تقدم للمستهلكين في السعودية أسماكاً أفضل وأرخص مما يأتينا عن طريق الشركة السعودية للأسماك فالأجدى لنا وللشركة ان تبحث عن مجال آخر لاستثمار أموالها.. فهي ستحقق التوظيف الأجدى لمواردها دون أن تكون عبئاً على المستهلك.. والأهم هو انها ستحقق التوظيف الأفضل للموارد الوطنية.. وعندما تفعل كل الشركات السعودية نفس الشيء فإن كل عنصر انتاجي سيوضع في مكانه الصحيح.. وبذلك ترتفع انتاجية البلد.. ويرتفع مستوى الدخل ومستوى المعيشة. لقد طرحت الصحافة خلال الفترة الماضية العديد من التساؤلات حول تداعيات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.. وهذه ليست سوى البداية.. فالاقتصاد بكامله سوف يمر بمرحلة تكيف وتأقلم لما بعد مرحلة الانضمام لمنظمة التجارة العالمية.. ولهذا لن تنتهي الأسئلة وستكون هناك اجابات متوالية تولّد المزيد من الأسئلة.. وباختصار فإن الدخول عبر بوابة المنظمة أدخل المجتمع إلى ساحة للنقاش والتثقيف الاقتصادي وهذا بحد ذاته أمر ايجابي لأن الاقتصاد هو محرك كبير للأحداث وللسياسة.. ومن الضروري أن يكون لدى كل واحد منا قدر كاف من المعرفة الاقتصادية.