وضع خبير اختصاصي نقاطاً مهمة على حروف الجدل الدائر في الأوساط الطبية حول علاقة الأبل بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا)، والاجراءات التي يقترحها بعض المختصين للتعامل مع الإبل بالتخلص منها أو تطعيمها ضد المرض. وقدم د.عبدالقادر الحيدر، المشرف على وحدة الأبحاث البيولوجية والطبية لمشتقات الإبل، في كليتي الطب والصيدلة، جامعة الملك سعود، معلومات بحثية توازن بين الاتهامات التي تطرح ضد الإبل، والحقائق التي تبرئ هذا الحيوان، وتوصل في ورقته إلى أنه لم يثبت بدليل علمى قاطع تورط الإبل في انتشار فايروس كورونا، داعياً إلى تكاتف جهود أطباء الأمراض المعدية والبياطرة واختصاصي الأمراض الفيروسية للتعرف على آلية انتشار الوباء. وفي إجابة عن سؤال ل "الرياض": هل تحمل الابل فعلا فيروس الكورونا؟ قال د. الحيدر في ورقته "لم تثبت الدراسات المنشورة في مجلات علمية والى هذه اللحظة ان العينات التي تم فحصها من دم الابل وجود الفيروس في الدم بل بالعكس ان اكثر من 80% منها تحمل الأجسام المناعية المضادة والواقية من الفيروس وقد يكون هذا سبب عدم اثبات أن الإبل لا تصاب بأعراض هذا المرض الفيروسى، ولكن هناك دراسة أثبتت وجود الفيروس في بعض مخاط الأبل، وتقرير غير منشور (يحتاج إلى تقييم علمي دقيق) لوزارة الزراعة يشير إلى وجود الفيروس في3.3% في بعض العينات ولم يوضح التقرير عمر تلك الإبل ومصدرها، مشيراً إلى أنه من المتعارف عليه أن الإبل تكتسب المناعة بعد ولادتها بأشهر، وهذه الدراسة وضعت المسؤولية على الابل كمكان استيطان الفايروس النشط ومن ثم ينتقل الفيروس للإنسان وإصابته بالمرض، لافتاً إلى أن الإبل تختلف عن المخلوقات في احتواء جسمها على جهاز مناعي متميز، حيث هي الوحيدة مع حيوان اللاما التي يحتوى دمها على أجسام مناعية ذات شكل مختلف يجعل لتلك الأجسام فاعلية أكثر في مقاومة الأمراض المعدية. واستطرد موضحاً أن دراسات وجدت أن نحو نسبة -6-5% من الرعاة والعاملين مع الإبل يحملون أجسام مناعية ضد MERS Cov ولم يلحظ وجود الفيروس نفسه في جميع العينات، وهذا غير مستبعد حيث من خلال دراساتنا السابقة وجدنا أن الأجسام المناعية المتميزة Heavy Chain Antibodies الموجودة في دم الإبل وتخرج مع الحليب J. Mass Spect 2013,48:779-794 وكذلك في أبوال الإبل ونشر هذا البحث في مجلة Proteomics 2012, 12:3403-6. ، مؤكداً الحاجة لدراسة بحثية لمعرفة ما إذا كانت الأجسام المضادة لكورونا تنتقل من الإبل لمن يعتاد على شرب حليب الإبل، وهذا بحد ذاته إن ثبت يعد نوعا من نقل المناعة من الإبل للإنسان. وأشار الحيدر إلى أن غالبية المصابين بالفايروس لم يثبت احتكاكهم أو حتى تعرضهم للإبل، بالإضافة الى أنه لم تثبت الدراسات أن رعاة الإبل، والذين هم يعيشون ليلاً ونهاراً وسط الإبل أكثر إصابة بالمرض او حتى اصابتهم بالفايروس بل بالعكس ثبت لديهم تركيز مرتفع من الاجسام المضادة للفايروس. ولذلك لم تصدر توصية هيئة الصحة العالمية التخلص من الإبل كما تم ذلك في الوقاية من انفلونزا الطيور في هونكونغ، بل فضلت هيئة الصحة العالمية الابتعاد عن الإبل لمن لديهم القابلية للإصابة (مرضى الفشل الكلوي أو ضعيفي المناعة) وهي خطوة تحذيرية ليس إلا حتى توضح المعلومات عن طريقة انتقال الفايروس بشكل مفصل. وراصداً نتائج جملة من الأبحاث والدراسات التي أجريت في موضوع الأبل وكورونا ، أشار الحيدر إلى أن دراسة حديثة مشتركة بين ثلاث جامعات (جامعة أيوا ، وجامعة تنسي الأمريكيتين، وجامعة هونكونغ الصينية) وجدت أنه تم استخدام مصل دم الإبل ، الذي يحتوى على أجسام مناعية مضادة للكورونا لإحداث المناعة السلبية (Passive Immunity) والحماية ضد فايروس كورونا في فئران التجارب التي حقنت بفايروس MERS-CoV (J. Virol 2015, 89: 6117-20. ) ، مؤكداً أن "هذا مؤشر هام على جدوى استخراج أمصال من الإبل للوقاية أو العلاج من كورونا للبشر ". وخلص د. الحيدر في ورقته إلى عملية تطعيم الإبل أمر مرفوض علمياً حتى وإن تبنت بعض الجهات هذه الفكرة، حيث أن غالبية الإبل تكون حاملة للمضاد المناعي ضد الكورونا ولها القابلية أيضا على إفراز أجسام مناعية في حالة إصابتها بالفايروس، لذا فالتطعيم ليس منطقياً، وشراء تلك الأمصال سوف يكون مكلف ماديا، (فكيف نطعم من لديه مناعة؟!!)، وقد يكون التطعيم فقط مناسبا لمواليد الإبل مباشرة بعد الولادة علماً بأن الإبل تكتسب مناعة طبيعية بعد أشهر من ولادتها. أما الدعوة لقتل الإبل فهي مرفوضة بكل المقاييس العلمية، حيث لم تثبت الدراسات المنشورة داخل وخارج المملكة أن الإبل تحمل الفيروس النشيط، بل وحتى عملية انتقال الفيروس من الإبل للإنسان لم يثبت علمياً