قاد الطموح نخبة من الأمهات السعوديات "المبتعثات" إلى تحمل مسؤوليات تربية الأطفال، إدارة المنزل وإكمال مسيرة التعليم، بعد أن سخرن كافة إمكاناتهن لتحقيق الهدف من فرصة الابتعاث، إذ تسعى المغتربات لإكمال مسيرتهن التعليمية في تخصصات (علمية وأخرى نظرية) يحتاجها سوق العمل السعودي، وذلك في أعرق الجامعات البريطانية، وبما يتواكب مع الرؤية الثاقبة لحكومة خادم الحرمين الشريفين والمتمثلة في السياسة التعليمية التي تقودها البلاد، وتغلبت تلك الكوكبة على أكبر تحد يواجه المرأة السعودية الدارسة في المملكة المتحدة، والمتمثل في عدم اصطحاب العاملات المنزليات وفقاً للأنظمة المعمول بها في بريطانيا. ووفقاً للقاءات أجرتها "الرياض" مع مغتربات فإن المرأة السعودية قادرة على تسخير كافة إمكاناتها وتجاوز التحديات التي قد تعترضها خلال مسيرتها التعليمية في الخارج، وذلك في سبيل إنجاز البرنامج الدراسي الذي ابتعثت من أجله، واستنادا إلى آراء المبتعثات فإن التحدي والإصرار إضافة إلى روح الطموح معطيات قادت نخبة من الأمهات المبتعثات إلى تجاوز تلك المعوقات. الأمومة والغربة وأكدت د. هتون قاضي أن الغالبية العظمى من السعوديات قد اعتادت على وجود عاملة منزلية مرافقة لها تتولى مهام إدارة المنزل وتربية الأطفال، موضحةً "بطريقة كانت توحي أننا قد نضيع بدون تلك العاملة"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن تجربة الابتعاث أثبتت العكس، قائلة"غالبيتنا يذهب للابتعاث بهدف اجتياز المراحل الدراسية، ولأجل هذا الهدف كنا نحاول إدارة المنزل والأولاد بطريقة عملية"، مبيّنةً أنّ البيوت في بلاد الابتعاث نوعاً ما صغيرة ولا تتطلب الكثير من العمل فشخصياً كنت أرتب مواعيد التنظيف حتى أتمكن من الدراسة، وكوني لا أشجع الأكل من خارج البيت فكان الطبخ أولوية لكن بطريقة سهلة، فالبقالات في بلاد الابتعاث توفر الكثير من المقادير التي تسهل من عمليات الطبخ. وأضافت أنها واجهت صعوبات في توزيع المهام ما بين أبنائها كونهم كبارا نوعا ما، لكنها تجاوزت تلك المقاومة ونجحت مع الصبر، مشيرةً إلى أنّ تجربة الأمومة مع الابتعاث تحد كبير، إلاّ أنّ وجود الهدف الكبير جعلنا نحاول تسخير كل الإمكانات لتحقيقه، معترفة في الوقت ذاته "وجود الخادمة نعمة تستحق الحمد"، لكنها قالت إن عدم وجودها لن يوقف الحياة. مواجهة الصعاب وكشفت المبتعثة رباب المالكي عن التحديات التي واجهتها خلال فترة الابتعاث، قائلة: "في الغربة لنا دروس قاسية ونسعى جاهدات لتحقيق أهداف وضعناها ضمن أولوياتنا"، مؤكّدةً أنّ أساس النجاح هو تعاون كل أفراد العائلة، موضحة "لكل فرد واجباته ولسنا بحاجة للعمالة المنزلية لترتيب حياتنا ومنزلنا وتربية أطفالنا وكل ما علينا هو ترتيب جدولنا اليومي والأسبوعي وأولويات الحياة"، مبيّنةً أنّه لا توجد مهام مخصصة للرجال وأخرى خاصة بالنساء، كونوا متحابين ومتعاونين ومبادرين ومضحين فكل ثانية في الحياة هي بصمة في ذاكرة وقلب كل فرد في العائلة. وأضافت إنّه رغم التحديات التي واجهتها خلال سنوات من الغربة قضتها في عدة مدن متنقلة في أرجاء المملكة المتحدة، إلاّ أنّها سعت خلال كل مرحلة إلى تحقيق هدف معين، لافتةً إلى أنّه "عند وصولي مع زوجي المبتعث للماجستير في تلك الآونة إلى مقر الابتعاث في مدينة ليفربول كان لدي طموح كبير وكان أملي في الله اكبر من كل شيء فواجهت الكثير من الصعاب كوني زوجة ومرافقة لمبتعث وأماً لطفل كان يبلغ سنة واحدة، وكان يتوجب علي أن أكون أماً ومربية وطالبة". وأشارت إلى مرورها في عدة نقاط مفصلية أثناء فترة الابتعاث، لتتجاوز تلك التحديات من خلال ترتيب أولويات الحياة وتقاسم المهام والمسؤوليات مع زوجها عبر جدول يحدد المهام بشكل يومي، منوهةً: "تحملت ضغوطا حياتية وتجاوزت تلك العقبات وكنت مساندة لزوجي حتى اجتاز مرحلة الدكتوراه، وهذا النجاح كله بتوفيق من الله ثم من الداعم والأب الأكاديمي صديقي وزوجي". تعليم وتربية كما استعرضت طالبة الدكتوراه مها حلبي التحديات التي واجهتها خلال مسيرتها التعليمية التي قضتها متنقلة ومغتربة في عدة مدن داخل المملكة المتحدة، مبيّنةً "أنّني كنت ومازلت الأم المبتعثة والمسؤولة الوحيدة عن تربية أبنائها" لافتةً إلى أنّها قضت عدة سنوات مغتربة بدون أي طرف آخر للمساعدة، موضحةً "تحملت مهام تربية الأبناء ومهام ومسؤوليات ربة المنزل، إضافة إلى كوني طالبة دكتوراه شارفَت على مناقشة أطروحتها بعد عدة سنوات من الكفاح بدون مرافقة عاملة منزلية". وأضافت "تحملت مسؤولية التربية والدراسة وكل الأمور الأخري المتعلقة ببرنامجي والتي من أبرزها استئجار المنزل، دفع فواتير الكهرباء، الماء، الغاز، الإنترنت والتلفزيون، وكنت أتابع مسؤولية الاتصال بالملحقية الثقافية السعودية لإنهاء المعاملات، إضافة إلى متابعة المسيرة التعليمية والسلوك الشخصي لابنتي الصغيرة في المدرسة"، مستدركةً: "تلك المعوقات والتحديات التي واجهتها توجت بنجاح، وأنا اليوم في المرحلة النهائية في برنامج الدكتوراه". الغربة تجربة قوية للمرأة السعودية في تحمل الكثير من المسؤوليات النظام البريطاني يمنع اصطحاب العاملات المنزليات كثير من الأزواج يشاركون زوجاتهم المبتعثات في ترتيب المنزل ليتفرغن للدراسة تحمل المسؤولية بدايته مشقة ونهايته نجاح وتفوق رغم الصعاب برزت إنجازات المبتعثات العلمية وتفوقن في مجالاتهن