جرت العادة في القنوات الاحترافية أنه عندما يتم الإعداد لإطلاق برنامج جديد أن تسبقه بعدة أشهر حملة إعلامية ضخمة تنوه عن البرنامج وتعرض بعض المقتطفات وعندما يقترب الموعد تبدأ تلك القنوات بوضع موقت تنازلي على شاشاتها يحدد الموعد المخصص لانطلاق البرنامج ويصاحبه حملة دعائية مرئية ومسموعة ومقروءة ضخمة وتخصص تلك الشبكة جميع قنواتها يوم الافتتاح لهذا البرنامج وبهذا تتعرف الناس على البرنامج قبل انطلاقته بوقت طويل وتكون منتظرة لموعد بثه وكل هذا التشويق يندرج تحت مهام إدارة التسويق في تلك الشبكة التلفزيونية. أن تفكر في إطلاق قناة موجهة لمتحدثي لغة غير لغتك يحتاج منك إلى جهد كبير للفت انتباههم إلى قناتك وما الذي يمكن أن تضيفه لهم وأن تطلق قناة متخصصة لأيام محددة، هذا يحتاج إلى مجهود مضاعف جداً، فقناة ستبث ستة أيام فقط تحتاج منا إلى ستين يوماً على الأقل للفت الانتباه إليها أما أن يتم الإعلان عنها في يوم انطلاقتها فأمر متابعتها سيكون من الأمور المحدودة جداً. إنه لاشك جهد طيب ومشكور أن تفكر وزارة الثقافة والاعلام في إطلاق قناة تلفزيونية وأخرى إذاعية باللغة الفارسية مخصصة لنقل وقائع ومناسك الحج وتحركات الحجيج في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة بهدف إظهار رسالة الحج الخالدة، ومعاني الإسلام العظيمة، إضافة إلى تقديم برامج وثائقية تتحدث عما تقدمه المملكة قيادة وشعباً لخدمة البيتين والحجاج والزوار والعمار وعلى أربعة أقمار مستهدفة الوصول إلى نحو 130 مليوناً من الناطقين باللغة الفارسية في العالم، ولكني أعتقد أن التسويق لها لم يكن بأهمية الحدث ولأنه لا توجد أي إحصاءات تبرهن لنا ما الذي حدث وماذا حققت القناة وكم عدد مشاهديها وهو أمر من المهم أن تكون لدى الوزارة جهة راصدة لها لتتعرف على الإيجابيات والسلبيات، ولكننا جميعاً نتفق على أن الجدوى من إطلاق قناة بالفارسية لمدة ستة أيام تنحصر في الستة أيام فقط والمطلوب في ظل الظروف الراهنة وفي ظل وجود إعلام فارسي باللغة العربية منذ سنوات أن تكون لديناة قناة وعلى مدار العام وليس بالضرورة أن تكون جهداً سعودياً خالصاً بل بالإمكان أن نشرك إخوتنا في دول مجلس التعاون وخصوصاً الإمارات والبحرين في هذا المشروع المهم خاصة وأن ما يحدث في الشرق الأوسط من تدخلات إيرانية سافرة وما يحاول إعلامها من تسويق مواقفها بخلاف حقائقها يتطلب منا أن نواجهها بنفس سلاحها وهو أمر مهم وضروري، بهدف إيصال صوت الخليج إلى العالم، مما يسهم بشكل كبير في تغيّر الكثير من المفاهيم والصورة النمطية عن المملكة، والتي لا تخلو من الخطأ والتضليل ولعلنا لمسنا بعد حادث التدافع في منى حجم الحقد الإيراني على هذا الوطن المعطاء. الإعلام اليوم وزارة دفاع وحرب ووزارة سلام ووئام ويجب أن يوجه وفق الحالة التي تستلزم ذلك ولهذا وجب علينا أن نستفيد بتحويل قناة الستة أيام إلى قناة تبث على مدار العام وإن كان البعض يرى أنه من الصعب اختراق المفاهيم الفارسية إلا أننا نقول إن سماع الرأي المعتدل يخلق تأثيراً على المدى البعيد ولولا القنوات الفارسية الناطقة بالعربية لماعرفنا ماذا يقولون ساعة بساعة فليكن لدينا نفس الأدوات التي يواجهوننا بها وليكن تسويقنا لأي حدث إعلامي بما يتناسب مع الحدث سواء كان إطلاق قناة أو برنامج أو مسلسل، فالتسويق هو عنصر الجذب وبدونه تذهب الكثير من المجهودات أداراج الرياح. هيئة الإذاعة والتلفزيون تفتقر إلى هذا الجانب المهم وهو يفقدها الكثير والكثير سواء على مستوى المتابعة أو التأثير أو الجذب للمعلن والراعي وانظروا إلى قنوات عربية ذات تمويل سعودي كيف استطاعت أن تجتذب ملايين المشاهدين وملايين الدولارات بحسن تسويقها لبرامجها لأن إدارات التسويق بها جاذبة للمشاهد وللمعلن وللراعي، فالتسويق الذراع المهم الذي لا تنجح بدونه أي وسيلة إعلامية.