شهدت الليلة السابعة عشرة من أعمال العنف في فرنسا هدوءاً نسبياً مقارنة بالليلة التي سبقتها حيث لم يحرق إلا 315 سيارة وتم إيقاف 161 شخصاً حسب احصائيات وزارة الداخلية الفرنسية. ولم تشهد العاصمة الفرنسية أياً من أعمال الشغب التي كانت متوقعة في نهاية الاسبوع على اثر بعض رسائل الانترنت التي دعت إلى نقل الحريق إلى وسط باريس وبعض رسائل الجوال. مما دعا السلطات الباريسية إلى منع أي شكل من أشكال التجمع أو التظاهر في العاصمة وتم ايضاً مراقبة كل الشباب القادمين من الضواحي في كل محطات القطارات. ومنع عدد كبير منهم من مواصلة رحلته إلى العاصمة. في حين شهدت مدينة ليون احدى أكبر ثلاث مدن فرنسية بعض الصدامات العنيفة لأول مرة بعد ظهر السبت. ومن جهة أخرى أشارت مصادر الشرطة الفرنسية إلى جرح اثنين من رجالها. وقد نقل أحدهما للمستشفى وليس أي منهما في حالة خطرة. وفي مساء السبت كان الوزير نيكولا ساركوزي وزير الداخلية في جولة تفقدية قصيرة لشارع الشانزليزيه حيث استقبل بعنف وبشتائم غطت على تصفيق مشجعيه. هذا وقد قامت بعض التظاهرات الداعية إلى السلم المدني في كثير من المناطق الفرنسية، في الوقت الذي شدد فيه وزير الداخلية على ضرورة طرد الأجانب المشاركين في أعمال الشغب حتى لو كانوا يحملون أوراق إقامة. وقد أرسل طلباً للمحافظين في المناطق التي عرفت هذه الأحداث يطالبهم فيها بسرعة اتخاذ اجراءات الطرد، ضمن الحق الذي يمنحه القانون الفرنسي لأي وزير داخلية باتخاذ مثل هذا الاجراء في حالة ما إذا كان الأمن العام مهدداً. وليس من المؤكد ان تؤدي هذه الاجراءات الأمنية إلى وضع حد لأعمال العنف التي لا يمكن لأحد تأييدها أو تبريرها. إنما الذي يمكن ان يوقف هذا العنف هو الحل المدني. الحل التربوي الوظيفي الاجتماعي، أي كل ما يمكن ان يعيد لهؤلاء الشباب ثقتهم بفرنسا كوطن وليس كملجأ. من جهة أخرى فقد كشفت السلطات الفرنسية عن الحكم بالسجن النافذ على ثلاثمائة وسبعين تقريباً من المشاركين في هذه الأعمال. وبالرغم من تعرض وزير الداخلية الفرنسي لنقد عنيف من قبل قطاعات سياسية واجتماعية وإعلامية عديدة إلا انه وحسب آخر الاستفتاءات يظل الشخص السياسي الأكثر قدرة على حسم هذه المشاكل. حيث حصل على 53٪ من أصوات الفرنسيين الذين يؤمنون بأنه الأقدر ويأتي بعده رئيس الوزراء بنسبة 52٪ ويأتي بعدهما بعيداً جداً رئيس الجمهورية الذي لا يثق به من الفرنسيين لحل هذه الإشكالات أكثر من 29٪. وكان أن تعرض مسجد في مدينة كاربنترا لهجوم بمتفجرتين والمسجد يقع في منطقة معروفة بوجود كثيف للجبهة الوطنية العنصرية بزعامة جان ماري لوبين. وقد دان الرئيس الفرنسي جاك شيراك هذا الهجوم بشدة وطمأن المسلمين على وقوفه ووقوف حكومته إلى جانبهم وكذلك فعل رئيس الوزراء دومينيك دوفيلبان ووزير الداخلية نيكولا ساركوزي. هذا وقد التقى محافظ المنطقة بالجالية الإسلامية في المنطقة يوم السبت وأبدى تضامنه معهم والتعهد بتتبع الجناة ومحاكمتهم وتأمين أقصى درجات السلامة والأمن للمصلين. ولعل من الجدير بالاشارة هنا إلى ان جزءاً من الشعور بالغبن والإقصاء لدى المسلمين في فرنسا هو عدم وجود مساجد مماثلة لتلك التي يتمتع بها المسيحيون واليهود على حد سواء.. إذ مازال معظم المسلمين يصلون في الساحات وفي بعض الصالات التي لا تليق بهم ولا بدينهم ولا ببلد مثل فرنسا. وتظل هذه الحالة أحد تجليات التمييز الطائفي والعنصري في هذه البلاد.