أبرزت مجلة "الإيكونوميست" ما وصفته بالجانب "المظلم التعيس" لحياة مسافري الأعمال، فالكثيرون قد يحسدون رجال الأعمال لكثرة رحلاتهم ظنا منهم أن تلك الرحلات تضفي على حياتهم صبغة أكبر من المتعة والترفيه، لكن دراسة بريطانية سويدية مشتركة كشفت حديثا عن الآثار السلبية "لكثرة التنقل والترحال" على الصحة الفسيولوجية والنفسية والحياة الاجتماعية. الآثار الفسيولوجية ووفقا للتقرير الذي نقلته "ارقام" فان كثرة التعرض للوضعية الثابتة التي يجبر عليها ركاب الطائرات تزيد مخاطر الإصابة بالجلطات الوريدية العميقة، بل وقد تتطور المخاطر إلى الإصابة بالأزمات القلبية والجلطات، كما تسرع بعملية الشيخوخة. هذا فضلا عن زيادة فرص التعرض للفطريات والإشعاع، فالأشخاص الذين يسافرون جوا لأكثر من 137 ألف كيلومتر سنويا (ما يوازي السفر ذهابا وإيابا بين مدينتي "نيويورك" و"سياتل" كل ثلاثة أسابيع، أو السفر من "نيويورك" إلى "طوكيو" ذهابا وإيابا سبع مرات) يتعرضون لمعدلات تتجاوز الحد المسموح من الإشعاع. إضافة إلى ذلك فإن رجال الأعمال الذين يسافرون كثيرا ليس لديهم ما يكفي من الوقت لممارسة الرياضة فيما يكونون أقل قدرة على تناول الطعام الصحي في كل الأوقات. وتترتب على كثرة السفر العديد من الآثار السلبية على الصحة النفسية للمسافر، فهو يشعر "بالغربة الداخلية" وعدم الاستقرار النفسي نتيجة كثرة تغيير الأماكن والتوقيتات الزمنية. كما يشعر بالقلق طوال الوقت حول العمل المتراكم الذي ينتظره عندما يعود من رحلته، ووصف التقرير كثرة التنقل "بالتجربة الانعزالية الموحشة" إذ تنطوي على كثرة الابتعاد عن الأهل والأصحاب. وقد كشفت دراسة منفصلة لأكثر من عشرة آلاف موظف مصرفي على مستوى العالم عن أن احتمالات طلب العلاج النفسي ترتفع بثلاثة أضعاف بالنسبة لمسافري الأعمال مقارنة بالأشخاص العاديين. ولا شك أن كثرة السفر تضر بالاستقرار الأسري وتؤثر سلبا على سلوك الأبناء، كما تحمل الزوجة أعباء مضاعفة نتيجة لغياب رب الأسرة، وذلك على اعتبار أن معظم المسافرين من فئة الأعمال يكونون من الرجال. ووفقا لاستطلاع قامت به المؤسسة الفندقية "آكور" في عام 2011 فإن 74% من المسافرين الآسيويين من فئة الأعمال كانوا من الرجال، كما وجد مسح آخر لمسافري الأعمال الأميركيين في 2012 أن 77% منهم كانوا رجالا. كما تضر كثرة السفر بروابط الصداقة حيث لا تتيح كثرة التنقل من مكان لآخر الوقت الكافي لتكوين أصحاب جدد أو تعزيز روابط الصداقة القديمة، فبمجرد عودة المسافر لا يسمح وقته بأكثر من الاهتمام بمحيط عائلته فقط. لكن ليس معنى ذلك أن حياة مسافري الأعمال سلبية في المجمل، فهناك جوانب أخرى مضيئة لهذه الفئة، فعلى سبيل المثال هم يجنون دخلا أعلى ويحصلون على رعاية صحية أفضل.