يشكل سوق عكاظ معلماً سياحياً فريداً في المملكة، ورافداً مهماً من روافد السياحة، إذ يقوم السوق في ذات المكان الذي يقع فيه سوق عكاظ التاريخي، ويقصده في هذه الفترة الكثير من السائحين لمشاهدة السوق بوصفه معلماً تاريخياً ضارباً في جذور الماضي، حيث ما زال يحتفظ بعبق التاريخ، وبريق الحاضر، ووجد زائرو السوق مفارقة تجمع بين التقنيات الحديثة التي تم توفيرها في مكان المهرجان، مع جغرافية المكان وقيمته التاريخية الأصيلة التي تم تحديدها بعد دراسة الآثار المتاحة وتحديد الأودية والجبال وفق الوثائق المدروسة بعناية لتحديد موقع السوق بدقة وبكفاءة علمية. وتأتي أهمية السوق في الوقت الحالي في كونه ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه، يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، مستمتعين بالقيمة المعرفية والثقافية التي يقدمها السوق من خلال ندوات السوق ومحاضراته وفعالياته، كما يعيد سوق عكاظ إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل، ويستعرض ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته، وقدم في كل مهرجان احتفالاً واحتفاءً بأحد شعراء المعلقات لتؤكد اتصال التراث بالحاضر. كما يقدم سوق عكاظ العديد من الفعاليات والمنافسات والجوائز على مستوى الوطن العربي، حيث يغطي مساحة واسعة من الإبداع الفني ابتداء من الشعر مروراً بالفن التشكيلي والتصوير الضوئي والخط العربي وانتهاء بالفلكلور والحرف، وتتمثل هذه المنافسات في: جائزة شاعر عكاظ، وجائزة شاعر شباب عكاظ، جائزة لوحة وقصيدة، جائزة الخط العربي، جائزة التصوير الضوئي، جائزة الحرف اليدوية، جائزة الفلكلور الشعبي، وجائزة الإبداع والتميز العلمي. كسر عدد زوّار سوق عكاظ في نسخته الحالية حاجز 100 ألف زائر وزائرة، من الذين ترددوا على فعالياته المتنوعة منذ بدايتها. وأكدت لجنة الإحصاء بمركز "ماس" التابع للهيئة العامة للسياحة أن عدد زوار سوق عكاظ في دورته التاسعة في اليوم الأول بلغ 24341 زائراً ما بين سياح أجانب وبين أهالي المنطقة, وفي اليوم الثاني بلغ عدد الزوار 26296 زائرا, ليصل إجمالي عدد الزوار في خمسة أيام إلى أكثر من 110 آلاف زائر، ومن المتوقع أن يستقطب مهرجان العام الحالي عددا كبيرا من الزوار يوازي عدد زواره في السنوات الماضية. تدفق الزوار على فعاليات عكاظ من جانب آخر شهدت جادة عكاظ تدفق العدد الكبير من الزوار الذين يقبلون على مشاهدة فعالياتها المتنوعة، التي أعادت للسوق وجهه المشرق وتاريخه التليد، وأحيت نشاطه الثقافي والأدبي، حيث تقدم وبشكل يومي مسرحية لبيد بن ربيعة العامري "سراة الشعر والكهولة"، التي كتبها المؤلف صالح زمانان، وأخرجها فطيس بقنة، وتناولت معاناة وصراع الشاعر لبيد بن ربيعة مع حياته التي امتدت لنحو 150 عام من خلال التنقل عبر ثلاثة أزمنة في المسرحية التي عرضت في دورة سوق عكاظ لهذا العام، وجسدها نخبة من الممثلين، حيث جسّد الممثل الأردني منذر الرياحنة دور "لبيد ب ربيعة"، وشارك بعض الفنانين السعوديين من ذوي الخبرات على المسرح، وهم: إبراهيم الحساوي، وتركي اليوسف، ونايف خلف، وخالد الصقر، وشجاع الشباطي وغيرهم. وتناولت المسرحية الحديث عن المستشرقين واهتمامهم بالدراسات حول الشعر العربي، حيث بدأ المشهد الأول بحوار مع ملك النعمان ثم ينتقل إلى بداية العشرينات من القرن الماضي مع الأديب أمين الريحاني وصاحب مكتبة في باريس يحضر إليه مستشرق باحث في التراث العربي يسعى إلى تكملة أبيات نظمها لبيد بن ربيعة فينتقل إلى زمن الشاعر محمد الثبيتي الذي يظهر صوته وصورته وهو يلقي قصيدة تأخذهم بدورها إلى زمن لبيد بن ربيعة وقد صار كهلاً فيبدأ بث سأمه من الحياة الطويلة وينشد الخلاص والموت وهكذا يقف المشاهد على تتمة الأبيات وعلى الصراع الدائر داخل لبيد من خلال قصائده. من مسرحية لبيد بن ربيعة وعلى طول الجادة يحظى زائرو سوق عكاظ بجولة على مواقع الحرفيين ومحترفي الصناعات اليدوية والشعبية من داخل المملكة وخارجها، كما تبدأ في الوقت نفسه مسابقات الفلكلور الشعبي من الساعة الخامسة عصرا إلى 11 مساء بشكل يومي بين محافظات مناطق مكةالمكرمة، حيث تتنافس فرق الفلكلور الشعبية وهي المسابقة، التي تحظى بحضور جماهيري كبير كل مساء. كما تحتضن جادة سوق عكاظ مجموعة من الأنشطة المتنوعة التي تحاكي سوق عكاظ التاريخي بواسطة مجموعة من المتخصصين المحترفين، مثل: مسيرة الشعراء، ومسيرة الفرسان والخيول والإبل، وهي نماذج من الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي كانت تقام في السوق قديماً، عندما كانت سوق عكاظ معرضاً تجارياً ومنتدًى اجتماعياً حافلاً بكل أنواع النشاط، وكانت منبراً يبلغ الحاضرُ الغائب بما أُعلن فيها، وما عُقد من معاهدات بين القبائل، وتُذاع أسماء من يُخلعون من قبائلهم فتسقط بذلك حقوق الواحد منهم على قبيلته فلا تحمل له جريرة، وكان بعض الأشراف يتقنعون في السوق كي لا يُعرفوا، فلا ينال منهم عدو لهم، أو يأسرهم طامع، ثم يغالي بطلب فديتهم، عندما كانت سوق عكاظ مجالاً لإطلاق الألقاب والأوصاف على الأفراد والقبائل، وكانت الأحداث التي تجري فيها مصدراً للأمثال، إذا. تُرفع في السوق رايات الحزن إذا نُكبت قبيلة، كما فعلت قريش بعد موقعة بدر، وتُقام فيها مباريات الفروسية والسباق وغيرها. كما تشتمل العروض أيضاً على أعمال مسرحية درامية تاريخية متنوعة "مسرح الشارع"، والتي تمثل جوانب الحياة والأنشطة التي كان يشهدها سوق عكاظ قديماً وتقدم باللغة العربية الفصحى، إضافة إلى عروض أخرى لإلقاء الشعر العربي الفصيح وخصوصاً "المعلقات" والخطب البلاغية التي بنيت عليها شهرة سوق عكاظ، ويؤدي تلك الأعمال ممثلون محترفون. هذا ويقدم السوق برامج أدبية وعلمية وأدبية وتراثية أخرى، وهناك برامج ثقافية وندوات وحوارات بين المثقفين والشعراء والأدباء والإعلاميين، ومسامرات أدبية ومساجلات شعرية وأمسيات متنوعة تتم داخل أروقة فندق "الإنتركونتيننتال" بالطائف كل مساء. من فعاليات جادة سوق عكاظ