بداية أدعو القارئ العزيز أن يتابع معي الحوار التالي حول التعليم والتدريب، شخصيات هذا الحوار هم: خالد: «رجل اعمال يرغب في الاستثمار في قطاع التعليم والتدريب» محمد: «ممثل التعليم العالي» فهد: «ممثل التعليم الفني» علي: «المراقب الحكيم» بدأ خالد الحوار قائلاً : من هي الجهة المسؤولة عن تنظيم التعليم العالي الحكومي والأهلي؟ فأجاب محمد : انها وزارة التعليم العالي فقال خالد : لماذا اذاً يوجد تخوف من الاستثمار في إنشاء الجامعات والكليات الأهلية والآلاف من ابنائنا يدرسون في الدول المجاورة؟! قال محمد: لا يوجد ما يبرر، ولكن وزارة التعليم العالي حريصة على جودة التعليم في الجامعات الاهلية لذا وضعت لوائح حازمة لضمان جودة المخرجات. فقال خالد : ولكني سمعت أن وزارة التعليم العالي تضع شروطا على الجامعات والكليات الاهلية ولا تطبق نفس الشروط على الجامعات الحكومية. فأجاب محمد : على العكس فوزارة التعليم العالي حريصة على معاملة الجميع على قدم المساواة. وعقب خالد: كما أني سمعت ان وزارة التعليم العالي فتحت الباب على مصراعيه للتعليم الموازي في الجامعات الحكومية وبتكاليف دراسية أقل بكثير من الجامعات الاهلية ودون أي اعتبار لتأثير ذلك التوجه على الجامعات الاهلية. وقال محمد: أخي العزيز لابد لنا من الاستجابة لحجم الطلب على التعليم العالي ومن حق ابناء الوطن علينا أن نوفر لهم التعليم العالي. فقال خالد مستغرباً: لماذا لم تقدموا منحا للطلاب للالتحاق بالجامعات الاهلية بدلاً من انشاء كليات حكومية جديدة ؟ وأنتم بهذا التوجه تكونون قد وفرتم التعليم المجاني لابناء الوطن وبتكاليف أقل على الحكومة ودعمتم الجامعات الاهلية في نفس الوقت ؟ فكما تبتعثوا الطلاب لجامعات خارجية، ابتعثوهم لجامعات أهلية داخلية؟ رد محمد: نريد أن نضمن مستوى معينا من التعليم والجامعات الاهلية معروفة بالتنازلات والتعليم الاقل جودة.. هز رأسه خالد قائلاً: اذًا كيف سيرقى التعليم الاهلي العالي بدون التحاق اعداد كافية لتغطية التكاليف وبدون طلاب متميزين ؟!!! . ولكن يبدو لي أن وزارة التعليم العالي تنظم القطاع وتنافس فيه فكأني بها الخصم والحكم وهي بهذا تستخدم العصا مع الجامعات الاهلية والجزرة مع الجامعات الحكومية. وانتفض محمد قائلاً: على أي حال لن نقبل أن نخضع لضغوط المستثمرين ونساهم بمخرجات سيئة لا تليق بنا. هنا تدخل فهد قائلاً: ولكن يوجد لدى المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني عناية واهتمام كبيرين للتعليم الفني الاهلي للرجال وقد انضم لها النساء مؤخراً. فأجابه خالد: ولكن المؤسسة تدير الكليات التقنية والمعاهد الاهلية فهي كذلك تسخدم سياسة العصا مع المعاهد الاهلية والجزرة مع الكليات التفنية. فقال فهد: أبداً هذا غير صحيح اعطني امثلة. فأجاب خالد: الامثلة كثيرة فمثلاً المؤسسة فتحت الباب على مصراعيه للتعليم الموازي بالكليات التقنية وبإنشاء الكليات الجديدة دون مراعاة لتأثير ذلك التوجه على المعاهد الاهلية، كما أن جميع برامج الكليات التقنية تحظى بتصنيف وزارة الخدمة المدنية، بينما برامج المعاهد الاهلية لا تحظى بنفس المعاملة!!! والمؤسسة تشترط الامتحان الشامل على خريجي المعاهد الاهلية ولا تشترطه على خريجي الكليات التقنية رغم أن القصد هو قياس حصول المتدرب على المهارات المطلوبة للمهنة التي تم التدريب عليها فلماذا لا يقاس مستوى خريجي المعاهد الاهلية والكليات التقنية على حد سواء؟! و...... فقاطعه فهد قائلاً : ولكن اخطاء المعاهد الاهلية كبيرة ومستوياتها متدنية و الشهادات تباع بالجملة. واستمر الهرج والمرج والتهم المتبادلة وأخيراً التفتوا جميعاً الى علي الذي لم ينطق ببنت شفة وقالوا له ما رأيك؟ لماذا لا تشاركنا النقاش؟ فقال علي: اصلح الله الجميع ..... كيف اشارككم النقاش ولسان حالكم يقول «كأننا والماء من حولنا قوم جلوس حولهم ماء» على الرغم من اقتناعي أن هدفكم جميعاً تأهيل المواطن لخدمة الوطن ولكن أن يستمر القطاع الخاص بالتشكي والقطاع الحكومي بالتشكيك فلن تصلوا الى تحقيق هذا الهدف. فأنت يا خالد تتفق معي أن مراقبة الأداء ومتابعة الجودة أمر في غاية الضرورة في التعليم والتدريب الاهلي، كما تتفقان معي يا محمد ويا فهد بأن من غير المعقول أن تقوم مؤسساتكما بدور المنظم والمنافس، فحتماً بقصد او من دون قصد فستقدم العصا وتؤخر الجزرة، ولابد لمؤسساتكما من دعم التعليم والتدريب الأهلي لكي ينمو ويتفوق على التعليم الحكومي ولنستفيد من تجربة التعليم العام الاهلي، حيث أصبحت لدينا مدارس أهلية يشار لها بالبنان وهذا يعود بشكل رئيسي لدعم وزارة التربية والتعليم ولتوفر أعداد كافية من الطلاب الملتحقين مما أتاح لتلك المدارس الاهلية أن تتميز في أدائها... فإذاً الحل في نظري بسيط وهو ايجاد هيئات مستقلة من القطاعين الحكومي والخاص تقوم بتنظيم الجامعات الحكومية والاهلية والكليات التقنية والمعاهد الاهلية على حد سواء بحيث تركز على الاستفادة من مميزات كل قطاع فالقطاع الخاص معروف بسرعة وفعالية التنفيذ والقطاع الحكومي يتميز بالقدرة على التخطيط والتنظيم وتوجيه السياسات بما يخدم مصلحة الوطن.. أعجب الثلاثة بطرح علي الهادئ وكلامه المنطقي وتفرقوا على أمل أن يقوموا باتخاذ خطوات عملية تخدم الهدف الرئيسي من قيام مؤسسات التعليم والتدريب الحكومية والاهلية دون مزايدات لا مبرر لها. ختاماً أود التنويه للقارئ الكريم أن الحوار أعلاه لم يتم على أرض الواقع والشخصيات المذكورة غير حقيقية، ولكني هدفت من هذا الحوار التأكيد على رسالة مفادها بأني أتمنى أن نصل جميعاً الى قناعة مشتركة بأن مصلحة وطننا الغالي تكمن بتكامل القطاعين الحكومي والخاص وليس تنافسهما.... اما اذا لم نصل لتلك القناعة فسنظل نراوح مكاننا.....والله من وراء القصد ٭ نائب رئيس شركة الخليج للتدريب والتعليم