منذ أيام الطفرات الاقتصادية، وحتى فترات الكساد تشبث سعوديون عصاميون بمقود الحافلات التي تجوب الشوارع ليل نهار، لتنقل الركاب البسطاء في أرجاء المدن الكبيرة، وعلى الرغم من الصورة النمطية عن السعوديين أبناء النفط وبلد الرفاهية، إلا أن أولئك الرجال عكسوا صورة أخرى للسعوديين ملامحها الرئيسية تظهر الجدية وجلد الذات في سبيل لقمة عيش كريمة. وقد ساعد أولئك المواطنون حماية النظام لمهنتهم تلك التي أقرتها للسعوديين فقط، إلا أن العام 2007 شهد تحولاً سلبياً أضر بعملهم بشكل مباشر، تمثل في منافسة العمالة الفردية التي تملك سيارات خاصة، والتي أصبحت تعمل في نقل العمالة بنفس سعر حافلات السعوديين جراء ضعف الرقابة وتراجع أسعار المحروقات، الأمر الذي أطاح بجزء كبير من دخل المواطنين ممتهني قيادة تلك الحافلات المسماة شعبياً "خط البلدة". وقد صمد المواطنون أمام تلك المنافسة غير العادلة، على الرغم من مغادرة بعضهم السوق، لكن قاصمة الظهر المقبلة بالنسبة لهم تتمثل في تنفيذ مشروعات النقل العام المتمثلة في القطارات والتي ستطيح بتلك الحافلات المتهالكة ومعها مداخيل أسر سائقيها الذين أغلبهم ليس لديه مؤهل دراسي يمكنه من العمل، مما سيؤثر بشكل سلبي على حياتهم المعيشية والاجتماعية. وبحسب صالح المنيف - تنمية الموارد البشرية – فإن هذه الشريحة من المواطنين أثبتت جديتها وأنها تستحق الدعم والاحتواء بعد انهيار مهنتهم المتوقع بعد اكتمال مشروع القطار في الرياض مثلاً، وأكد أنه ينبغي على الشركات الكبرى كشركات النقل الجماعي وشركات المقاولات الكبرى التي لديها حافلات أن تستقطب أولئك المواطنين الذين سينضمون إلى العاطلين عن العمل قريباً، مشيراً إلى أنهم يملكون خبرة وجدية كافيتين لأن يكونوا جديرين بالاستقطاب. وبين المنيف أن الجهات الحكومية معنية بتوفير بدائل لهؤلاء المواطنين من خلال برامج تمويل ميسرة تمكنهم من امتلاك سيارات أجرة مثلاً لكي يتمكنوا من الإنفاق على عائلتهم والوفاء بمتطلبات الحياة. وحذر من أن تجاهل هذه الشريحة وانضمامهم لصفوف العاطلين عن العمل سيكون له وقع سيئ على حياتهم وعلى سلوك أبنائهم جراء الفقر والفاقة والتي قد تدفع بهم إلى مناحٍ سلبية لا تحمد عقباها.