في الحروب والعمليات الإرهابية تستخدم الشائعات كسلاح نفسي لبث الرعب وإضعاف الروح المعنوية للمستهدف كما تفعل داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية. أما في الأوضاع الطبيعية والحياة العادية في المجتمع الواحد أو الأسرة الواحدة فإن الشائعات لها ضرر كبير. المؤسف الآن أن اختراع الشائعات أو نشرها أصبح عملية سهلة جدا وأصبحت تستخدم أحياناً لتحقيق انتصار على الآخر في حوار أو نقاش حول قضية معينة، فإذا عجز أحد المتحاورين عن توفير حجج تسند وجهة نظرة يلجأ إلى سلاح الإشاعة ويجد من المتلقين السمع والطاعة فينشرون الإشاعة حتى دون أن يطلب منهم ذلك. وعندها ينتشر الضرر والإساءة والافتراء وقد تؤدي بعض الإشاعات إلى نتائج خطيرة على مستوى الأفراد والمجتمع. يروى في هذا المقام قصة تقول إن أحد الفلاحين أقدم على ترويج شائعة شائنة عن صديق له، واكتشف فيما بعد أنها ليست صحيحة فأتى إلى رجل حكيم طالباً منه النصح. قال الحكيم: من أجل أن تريح ضميرك عليك أن تملأ حقيبة بزغب الدجاج وتمر على كل بيت في القرية لتضع ريشة على عتبة الباب. وفعل الفلاح كما قيل له وعاد ليعلن إتمام توبته فقال الحكيم: ليس بعد، خذ حقيبتك واجمع كل ريشة من أمام كل منزل. قال الفلاح: ولكن لا بد أن الرياح قد عصفت بها جميعاً. أجاب الحكيم: نعم كما هي الحال مع الشائعات فإن الكلام سريعاً ما ينتشر، ولا يهم كم سعيت جاهداً للتكفير عن ذنبك فإنك لا تستطيع إعادة الكلام حيث كان مرة أخرى أبداً. انتهت القصة ولن تنتهي الإشاعات فقد أصبحت وجبة لذيذة ساخنة وحاضرة في وسائل الاتصالات الحديثة بصفة مستمرة، ولها تأثيرها القوي على حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية، ولها تأثيرها على علاقات الدول وسياساتها ومصالحها. هل هناك شائعات إيجابية؟ هل يمكن القول إن الشائعات التي تهدف إلى التعرف على موقف الرأي العام هي شائعات إيجابية؟ ربما بشرط ألا يكون لها آثار تضر بالمجتمع. وهذا ينطبق أيضاً على الشائعات التي تمهد لاتخاذ القرارات. وقد تطلق الشائعات كأمنيات يأمل مطلقها أن تتحول إلى واقع وهذا النوع من الشائعات له سلبيات أهمها الإحباط بسبب أن الأمنيات أصلاً لم تكن واقعية. هل يمكن السيطرة على الشائعات والتحكم فيها ومحاسبة من ينشر إشاعات تضر بمصلحة الوطن وأمنه واستقراره وتؤثر سلبياً على حياة الناس؟ الإجابة تكمن في الشفافية والمعلومة الصادقة الموثقة الحاضرة في الوقت المناسب. وتكمن في توفر الحقائق وتحديد المصادر الرسمية المعتمدة للمعلومات. وتكمن في الإعلام المتفاعل مع قضايا المجتمع بسرعة ومهنية عالية. الإعلام السباق المبادر الذي يقدم الحقائق ولا يكتفي بملاحقة الشائعات أو الأخبار الكاذبة من أجل نفيها. أما محاسبة من يبث الإشاعات التي تهدد أمن وسلامة المجتمع فهي إجراء ضروري ولا بد من قوانين واضحة تتعامل مع هذا السلوك ومع غيره من الممارسات المؤثرة سلبياً على حياة الناس ووحدة وأمن الوطن.