الكثيرُ مِنا بحاجة إلى استراحة صيفية، إلى أيام من التأمل والصمت، إلى حنان الطبيعة وشذا الورد، إلى رسالة من حبيب مجهول، وهدية ملفوفة بسلوفان معقود على خاصرتها كلمات حب، لأننا مابين عشية وضحاها قد نصبح خيبة أمل لأمنية فاشلة، قد نصبح رماداً داخل قنينة، أو حطاماً داخل قلوب من نحب، وكلما أوشكت على الضياع عُضّ على كف الوحدة وتجرع مرارة أن تكون مغرداً خارج السِرب. سؤال بريء: هل استطاع الشيطان أن يتفوق عليك وهو موصد في رمضان؟ يبدو أن الشيطان الآن لبس لباس العيد، ويتمتع بتذوق حلاوة العيد وقهوته الصباحية اللذيذة، جالساً هناك على الأريكة واضع رِجلاً على رجل يتأملنا وهو يردد بينه وبين نفسه: آن لي أن أرتاح الآن فكم من تلميذ تفوق على أستاذه. هل حاولت يوماً أن تصمت، أن تمسك فمك عن كلمات حادة ونابية، أن تبتلع لسانك قبل أن تتحدث عن أحد بغيابه، أن لا تتبع أخبار الآخرين، ولا تربط نفسك ومصيرك بشخص، أن تحتوي الآخر وتقبله كما هو، أن تتلمس بأصابعك وجه من تحب، أن لا تغادر دون وداع، أن تمسح عن جبين وعيك ضباب الرأي الواحد وشهوة الجدال، هل تجد صعوبة في أن تعيش كإنسان؟ ليس على اللطيف من حرج، ولا على المتفائل عتاب، فلا تتخلى عن كلاسيكيتك وسلوكك الذي تعودت عليه، وآرائك المتفائلة في مجالات الحياة، لا تتخلى عن بساطتك، وعن آرائك المعقودة بحبل الاستقلالية، وكن كريماً مع نفسك، واخفض لها جناح الحب والتدليل، ولا تطفئ نهارك بالخوف من الغد الذي لم يستيقظ بعد، فلم تكن الرقة والهدوء والسماحة واحتواء الآخر ضعفاً يوماً بل هي مكمن القوة، فلا تعِش وأنت يتيم من الأحلام. * عيدكم فرح وحب ومواطنة.