العديد من القضايا الحقوقية المتنوعة والمتكررة التي تنطوي عليها شكاوى كثير من المواطنين ممن تضطرهم الظروف لشراء وحدات سكنية من بعض الشركات أو المؤسسات العاملة في مجال التطوير العقاري، ثم يتبين لهم لاحقاً بعد امتصاصها لمدخراتهم، أنها رديئة البناء تتهالك عناصرها في مدة وجيزة لكن لربما تكون ظروف المرحلة الحالية هي الأفضل مقارنة بمن سبقتها بعد أن أصبحت هناك جهة اختصاص تتلقى ذلك النوع من الشكاوى ممثلة في وزارة الإسكان، التي بدأت -بناء على ما نشر في بعض الصحف- تعكف بالتعاون مع وزارتي الداخلية والتجارة على إعداد قائمة سوداء بمقاولي الوحدات السكنية التي ثبت وجود غش في تنفيذها، حيث شرع هذا الجهاز الحكومي المختص، بالتحقق من تلك الشكاوى التي وصلته من عدد من المواطنين، إضافة إلى المطورين العقاريين المهنيين، الراغبين في أن تكون هناك سوق للمنافسة الجيدة، بعيداً عمن سموهم (تجار الوحدات السكنية المضروبة)، الذين يقومون بتسويق تلك الوحدات بأسعار اقل من سعر السوق، بسبب استخدامهم مواد رخيصة في البناء والتشطيب، وقد حصلوا على وعود بمنع أولئك التجار الذين سوف تتضمنهم القائمة من العمل في مجال بيع الوحدات السكنية على المواطنين، سواء عن طريق وزارة الإسكان، أو عبر التنسيق مع الجهات الأخرى المختصة، لمنع التلاعب في تنفيذ المشروعات السكنية بالمملكة. إنه بالتأمل في تلك الخطوة، والإدراك في ذات الوقت بأن عملية تطوير مشروعات الإسكان لا يقتصر الدور الأساسي فيها على المقاولين الذين يقومون بتنفيذ وحداتها السكنية وعناصرها الخدمية الأخرى المكملة وإنما يشمل أيضاً أدواراً لأطراف آخرين لا تقل أهميتهم عن أولئك المقاولين في تسلسل تلك العملية، تشمل كما نعلم أدوار كل من المكاتب الاستشارية الهندسية التي تتولى أعمال التصميم، وكذلك التي تتولى الإشراف على التنفيذ، إضافة للمالك أو المطور الذي يوفر التمويل اللازم للمشروع، ننتهي إلى نتيجة أن إيجاد قائمة سوداء، تقتصر فقط على المقاولين الذين يأتي دورهم في آخر مراحل عملية التطوير، هو تقدير غير متوازن في توزيع عبء المسؤولية تجاه توفير وحدات سكنية ذات كفاءة عالية وظيفياً، وملبية لكافة الاشتراطات والضوابط النظامية اللازمة، إضافة إلى أنه إجراء لا يتضمن حلاً جذرياً لهذه القضية التي تعد قطباً في تلقي الشكاوى بقطاع الإسكان، لذا ما من بديل أفضل من المتابعة المبكرة من قبل جهة اختصاص في وزارة الإسكان للمشروعات الاستثمارية الهادفة لتوفير وحدات سكنية بغرض طرحها للبيع في السوق، تبدأ من مرحلة إصدار ترخيص البناء لهذه المشروعات، بغية التأكد من وجود مكتب إشراف هندسي على تنفيذها، ومقاول مؤهل لإنجاز أعمال التطوير، هذا إن لم نصل بالبديل إلى مرحلة أعمق يلتزم المطورون العقاريون بموجبها التأمين على تلك المشروعات لنضمن بذلك كفاءة اعمال تنفيذها، ونجعل تلك الضوابط مجتمعة أحد شروط السماح ببيع الوحدات السكنية في تلك المشروعات وإفراغها للمشترين، ليدرك حينها كل من المطور، والاستشاري المصمم، والاستشاري المشرف، إضافة للمقاول المنفذ، أن لكل منهم حصته في المسؤولية تجاه حفظ حقوق المواطنين الذين سيقومون بشراء وحدات سكنية في تلك المشروعات في حال اكتشاف عيب تنفيذي في أي من عناصرها الإنشائية أو الكهربائية أو الصحية أو الميكانيكية أو حتى المعمارية.