قالوا: تديّن، قلت: فوتم وأنا أفوت ماني بكافر مصلي وصايم من ذاق من حب مْعزّل الوسط ببتوت يبي يقول من المثايل رسايم لعل صقر النصافي في البيتين السابقين يحاول تشريح الصورة النمطية التي تربط التدين بالعزوف عن قول الشعر فهو يقرر مخاطباً العاذلين بأن الشعر لا يخالف التدين ولا يؤثر على العبادة ويزيد على ذلك بأن من يقع في شراك الحب فإنه من الطبيعي أن يتغنى بالمحبوب وليس عليه غضاضة في ذلك، وما قرره هنا لا شك أنه من وجهة نظر العاذلين عذر أقبح من ذنب! ولكنه لا يقف عند هذا الحد بل يطلب منهم أن يدعوه وشأنه لأنهم يجهلون أثر قول الشعر على الشاعر الولهان فيقول: خلوني أزعج في مراح الغضي صوت صوتٍ تفجّع منه ورق الحمايم لو كان عقب الفوت ما ينفع الصوت ما فات فات ولا تسر اللوايم أما الشاعر نمر بن صنت فيتقمص دور المفتي الذي يجيز للعشاق وهو أحدهم ما لا يجوز لغيرهم في سبيل استمرار الوصل واللقاء بينهم ويؤكد أنه لا إثم في ذلك بل لعل في ذلك أجرا كأجر الصيام: ولا أدري بلاه الذل من فوقنا حوم وإلا بلاه الطوع يدرى الآثامي وإن كان صيده طوع ما هو بماثوم حسناه فيّه مثل حسن الصيامي ولكن لعل فتاوى العشاق كغيرها من الفتاوى تتغير بتغير الزمان أو المكان أو ظروف العاشق الولهان حيث يرى في موضع آخر أن العشق من أمور الجاهلية إذ قال: العرب ديّنوا يا ناعم العود وأنا رديتني بالجاهلية وها هو يستنكر على المعشوق زيارته في العشر الأواخر من رمضان ويود لو تم تأخيرها إلى نهار العيد فهل حاك في نفس العاشق/المفتي بعض الحرج من لقاء المعشوق في الليالي العشر الأخيرة من رمضان فقط؟ خف من الله يا عشيري لا توثّم كان ما سيّرت بالعشر التوالي لو حصل جيتك يا زين الملثم في نهار العيد من غب الهلالي ولكن يظل العيد رمزاً للفرح والاجتماع واللقاء حتى عند البادية في الصحاري الواسعة حيث يتشتتون ويتفرقون ولكنهم حريصون على أن يكون للعيد قيمة اجتماعية ولذا يبادرون إلى التلاقي في مكان يعبرون فيه عن الفرح في تلك الصحراء القاسية وها هو نمر يقول: علمي بها العام والعربان مشتتة العيد قرّب وأن ودي نعايدها