أصبحت الثروة الزراعية في الأحساء تتجه إلى الانقراض بعد أن تحولت الكثير من المزارع والمساحات الخضراء إلى استراحات، وبعد أن تمت إزالة المئات من أشجار النخيل من أجل تحويل تلك المزارع إلى مخططات عمرانية تباع كأراضٍ للمواطنين، فأمام التمدد السكاني الكبير الذي بدى ملاحظاً على محافظة الأحساء إلا أنه أصبح يقابل ذلك تمدد في إزالة النخيل والمزارع من أجل الحصول على أراضٍ عمرانية تتسع لعدد السكان المتزايد، وعلى الرغم من أن احتياج السكان إلى المساحات الأراضي العمرانية المؤهلة للسكن خطوة مهمة جدا أمام ذلك التزايد إلا أنه لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب إزالة الثروة الزراعية خاصة النخيل في الأحساء، فالأحساء منذ عهود قديمة كانت تسمى الواحة، ومن أهم المناطق المنتجة للتمور لوفرة النخيل بها إلا أن ما يحدث ينذر بوجود خطر كبير على تلك الثروة الزراعية التي يتم إزالتها لمجرد التكلفة والجهد الذي أصبح يعاني منه المزارع والذي لم يعد يملك حيلة فيه إلا أن يقوم بتحويل تلك المزارع إلى مخططات أو استراحة تدر عليه دخلاً مادياً جيداً أما معوقات الزراعة الكبيرة التي لم توجد لها حلول حاسمة. د. الكريديس: لابد من إيجاد نظام يمنع قطع النخلة قبل الرجوع إلى الجهة المنظمة وأمام ذلك الخطر الزراعي نحتاج إلى نظام أو تشريع يمنع قطع النخلة دون الرجوع إلى الجهة المعنية بالزراعة حتى نستطيع أن نحمي انتاج النخيل من الانقراض مع دعم ذلك المشروع الزراعي الذي يمثل ثروة اقتصادية كبرى يجب الاهتمام بها وحمايتها. وأمام تلك المشكلة الكبيرة التي لابد للجهات المعنية خاصة وزارة الزراعة أن تتنبه لها وتمنع من حدوثها أو استمرارها يبقى هناك السؤال الأهم: هل نتوقع بعد سنوات قليلة مع استمرارية إزالة المزارع والنخيل من الأحساء بحجة التوسع العمراني أن تتحول الأحساء إلى مدينة غارقة في ترف التمدن والترصيف والعصرية واختفاء هويتها التاريخية القديمة وهي منطقة النخيل ومنجبة التمور الذي كان يزاحم ويتصدر الأفضلية في قائمة تمور المملكة؟ هل من الممكن أن تختفي تلك المساحات الخضراء وأن تغيب النخلة بعد أن كانت حارساً لمساكن وبيوت الأحساء من خطر زحف الرمال وهلاكها؟ وأين النظام الذي يحمي النخلة من الانقراض؟ برامج تشجيعية أوضح د. منصور بن سعد الكريديس -عضو مجلس الشورى وعضو لجنة المياه والزراعة والبيئة- بأنه يصعب إصدار قرار يمنع المزارع من بيع أرضه الزراعية أو تحويلها إلى استراحة أو أرض عمرانية فتلك فكرة يصعب تنفيذها وتطبيقها فذلك المزارع يملك صكاً يخوله من التصرف بأرضه، ولكن تبقى إزالة النخلة بدون إذن الجهة المنظمة كوزارة الزراعة فيها وجهة نظر خاصة حينما تكون إزالة النخيل تهديد للنخلة والتمور ويؤثر على تلك المحاصيل الزراعية، مشيرا إلى ضروة أن يكون هناك تشجيع وتطوير لزراعة النخلة كإيجاد برامج لازمة لتشجيع انتاج النخيل والاستفادة من منتجاتها، وهذا يتطلب من وزارة الزراعة إيجاد برامج تشجيعية للمزارعين فلا يمكن أن يكون هناك اهتمام دون وجود سياسة وبرامج تدعم ذلك الاهتمام، خاصة حينما يتعلق الأمر بالنخلة كونها تنتج سلعاً غذائية في غاية الأهمية ويجب تطويرها وأن تدخل ضمن الوجبات الغذائية للمواطن فهي تمثل سلع الأمن الغذائي، خاصة بأن للنخلة صفات تتوائم مع طبيعة المملكة من تحمل واقع المناخ فنستطيع أن نستفيد من منتجاتها وتشجيع التسويق والتصدير لخارج المملكة. العاشور: قلة المياه وعدم وجود العمالة المتخصصة دفعت المزارعين إلى التخلي أو بيع أراضيهم محاصيل عضوية من جانبه، أوضح م. حجي العاشور -المهتم بالمحاصيل الزراعية بالأحساء- بأنه على الرغم من إزالة الكثير من مزارع النخيل في الأحساء خاصة التي كانت قريبة من المناطق العمرانية إلا أنه يتم حاليا تدارك ذلك بالتوجه إلى بعض المناطق البعيدة التي يصعب أن يطولها التمدد العمراني كمنطقة الأصفر ومنطقة "قويبة" قريب من طريق قطر، حيث يتم حالياً إعداد الأراضي هناك لتحويلها إلى مناطق زراعية وذلك لتوفر التربة الخصبة في تلك المناطق، مشيراً إلى أن الجديد الآن محاولة التوجه إلى الاهتمام بالمحاصيل العضوية بدل الاكتفاء بزراعة النخلة خاصة بعد الأمراض الكثيرة التي أصبحت متفشية في المملكة مثل الفشل الكلوي وأمراض الدم وغيرها والتي يعتبر الغذاء السبب الرئيسي المسبب لها خاصة الاعتماد على بعض المحاصيل الزراعية التي تحتوي على مواد كميائية. د. العجلان: التوجه لزراعة الأراضي البعيدة لن يكون حلاً فمن سيزرع نخلة سيقوم ببيعها مجدداً وذكر الحجي بأن هناك الكثير من المعوقات التي دفعت بعض المزارعين إلى تحويل مزارعهم إلى مخططات عمرانية أو استراحات للمناسبات العائلية أهمها: الاتجاه الجديدة في تقليص العمالة مع الاحتياج إلى عمالة متخصصة ومتعلمة لديها القدرة على الإشراف على تلك المزارع مع وجود الكثير من الإشكاليات حول تقلب الجو والذي يتسم بالغبار والجفاف الشديد مع قلة الأمطار مما أثر على الزراعة بشكل كبير وأشار إلى أنه وبرغم تلك المعوقات إلا أننا بحاجة إلى المحافظة على ما تبقى من المساحات الزراعية في الأحساء وضرورة توفير حلول سكنية أخرى للنزوح السكاني بدل اللجوء إلى إلغاء المساحات الزراعية حتى لا تخسر الأحساء أكثر ثروتها الزراعية التي عرفت بها. خطة استراتيجية إلى ذلك، قال الدكتور عبدالعزيز العجلان -المختص بالبيئة الزراعية والحشرات- أن ما يحدث من ازالة المساحات الخضراء والنخيل يعتبر تهديداً للثروة الزراعية بالأحساء خاصة إزالة النخيل، وهو الاقتصاد الكبير الذي كانت تتميز به الأحساء قبل سنوات عديدة سابقة ويرجع ذلك إلى موت الآباء، إضافة إلى أن الجيل الجديد الذي حل محله وهو جيل الإنترنت والواتساب لم يعد يهتم بالزراعة أو بتلك المزارع فأصبح يتجه تفكيره نحو المكسب السريع والمريح وهو التجارة بتلك المساحات وتحويلها إما إلى مخططات عمرانية أو إلى استراحات للمناسبات العائلية، مؤكدا على وجود العديد من الأسباب التي دفعت بعض المزارعين إلى التخلي عن مزارعهم والتي من أهمها مشكلة سوسة النخيل والتي أصبحت مشكلة متعبة لهم ولم يوجد لها حلول حتى الآن، كذلك مشكلة قلة المياه التي بذلت وزارة الزراعة بعض الحلول لتخفيف من إشكالتها إلا أنها لم تستطع أن تضع حلا جذريا لها فالسكان هم أنفسهم يجدون صعوبة في توفر المياه المحلاة ليشربونها. وأكد على ضرورة وضع حلول عاجلة لمنع إزالة المساحات الزراعية والنخيل لأن ذلك يهدد الثروة الزراعية والعملية الصناعية للنخلة أي تنظيف التمر وإرساله إلى السوق حيث ضعفت تجارة التمر والرطب في الأحساء بسبب ذلك التقليص فليس هناك قانون يمنع أن يقوم المزارع ببيع أراضيه الزراعية، فيجد المزارع جهدا كبيرا في الاهتمام بها فيقوم ببيعها، كما أن هناك نقصا في الوعي لدى الجيل الجديد بأهمية مزارع النخيل فليس هناك في العملية التربوية والمناهج مايخدم تعميق الاهتمام بالزراعة، ولا يجب أن ننسى بأن هناك الكثير من المزارعين من لا يخرج زكاة النخيل التي عليه حتى اختفت البركة من تلك المزارع. أما عن الاتجاه الجديد نحو زراعة الأراضي البعيدة عن العمران فيجد بأن ذلك لا يمثل حلا جذريا لأن من يزرع نخلة في تلك المناطق فإنه سيمتلك الأرض ومن يمتلكها سيأتي عليه يوم ويقوم ببيعها حتى يستفيد منها لذات المبدأ وتلك هي الإشكالية، لذلك فنحن نحتاج إلى وضع خطة استراتيجية تشمل جميع المملكة لأن لكل منطقة خاصيتها الزراعية حتى نحمي هذه الثروة من التقلص أو الانقراض خاصة بأن زراعة التمور تمثل اقتصادا جيدا للمملكة. تقديم المعونة المادية وأشار يوسف البوعبيد -أحد ملاك المزارع في الأحساء- إلى أن الزراعة أصبحت متعبة جدا للمزارع ماديا ومعنويا فالدولة حاولت أن تقدم الدعم ولكن المشكلة في القائمين على تطبيق ذلك الدعم، فالمياه مازالت غير متوفرة بالشكل الذي يدعم المساحات الزراعية حيث لا تأتي إلا كل 15 يوم للنخيل، كما أن الماء ليس مصفى كما يجب، على الرغم من أن الجهة المعنية قدمت الوعود بتصفيته بشكل جيد، موضحا بأنه يصرف أكثر من مليون ريال على الزراعة في مزرعته بين تكلفة رواتب العمال لديه والسماد وغيرها من الاحتياجات في حين لا يجد مقابل ذلك ربحا من بيع التمور، فعدد النخلات لديه إلى 400 نخلة ويصرف على تلك المساحة الكثير من الكهرباء والرش يكلف خمسة آلاف ريال سنويا ثم يبيع المن 240 كيلوغراماً ب400 ريال أو 600 ريال وهو مبلغ زهيد جدا إذا ماقورن بالمبالغ التي تصرف على المزرعة. وقال إن هناك ضررا كبيرا أصبح يعاني منه المزارع من قبل تجار التمور، فالسوق أصبح يضرب الفلاح ضرباً دون رحمة، فالتجار يأخذون جميع الكميات من التمر فيقدم 15 كرتوناً من التمر كل كرتون يزن 20 كيلوغراماً ويمارسون عليهم الضغوط الكبيرة حتى يبيعوا بسعر قليل يصل إلى 600 ريال بعد أن كان في السنوات الماضية يصل إلى 4000 آلاف ريال. فلم يعد هناك حفاظ على النخلة فأصبحت تزال المناطق الزراعية وذلك يهدد بنزوح الرمال على المساكن، فالنخلة إن ماتت فستكون هناك كارثة كبيرة زراعية في الأحساء لذلك نحن بحاجة إلى فرض تقييم صحيح على تجار سوق التمور لا يبخس حق المزارع، مع تقديم معونة شهرية للمزارع حيث قدمت قبل سنوات طويلة إعانة وصلت إلى 600 ريال ثم توقفت. غياب تصفية المياه ويتفق معه عطا العطا -المهتم بالزراعة والذي يمتلك مزرعة للنخيل- حيث يرى بأن قلة المياه في القرى أدت إلى تحجيم الزراعة وخاصة النخلة فقيمة التمر نزلت جدا وأصبحت تجارة خاسرة والصرف المادي على النخلة لم يعد يتساوى مع الربح، مشيرا إلى التقصير الكبير الذي بدى واضحا على الجهات المعنية خاصة من فئة الموظفين فالمزارع يشتكي من الأملاح ومن أمور كثيرة إلا أنهم يعدون بالتصفية ثم لا نجد نتيجة لتلك الوعود، فلا يجد المزارع للخروج من تلك الورطة إلا بتحويل مزرعته إلى استراحة حتى يجد الربح الأسرع. سوسة النخيل إحدى المشاكل التي تواجه المزارعين تجار التمور يسرقون فرحة الصرام جرافات تزيل النخيل استعداداً للعمران