لا تقف التحديات التي تواجهها بلادنا عند أعداء العرب والمسلمين الذين يدفعون باتجاه الفتن التي تشغل العرب والمسلمين بعضهم ببعض، بل وتستنزف طاقاتهم ومقدراتهم المادية، بل إن الخطر يزداد ويتفاقم في ظل موجة الجهل التي تعصف بعقول الكثير من أبنائنا الذين ينساقون وراء دعاة الفتنة ومبيحي سفك الدم وكارهي الحياة ممن يظنون امتلاكهم للحقيقة المطلقة، ويتوهمون امتلاك مصائر الناس ومآلاتهم وعقباهم، فهذا في النار وهذا في الجنة تستقبله حور العين فور تنفيذه جريمته الدموية التي ربما يذهب ضحيتها العشرات من الأبرياء ممن لا ذنب لهم سوى اتجاههم لأعمالهم أو لدور العبادة أو غيرها من الشؤون. هم مجرد أناس مجردين من أي أخلاقيات أو انتماء لدين، بل هم مجرمون يتزيّون بزي المسلم الغيور على دينه والذائد الأوحد عنه. ظلاميّون باعوا أنفسهم للشيطان ولمصالح ومكاسب ذاتية على حد زعمهم، فمن يقتل منهم هو شخص لديه الاستعداد لتفجير نفسه بين الأطفال والنساء والمصلين طمعا في الجنة، والبعض منهم يفجر نفسه ظناً منه أنه سيقيم حكم الله في الأرض. في حين أن ديننا الإسلامي دين تسامح ومحبة ورحمة» وما أنزلناك إلا رحمة للعالمين»، كما أن كل الشرائع والديانات تحرّم قتل النفس وإيذاءها بأي شكل من الأشكال. من يقوم بحمل حزام ناسف ويفجره ظناً منه أن ما قام به طريق للاستشهاد لا يعي أنه هو ومن معه من يقترفون هذه الحماقات ليسوا من الإسلام، وسيشوهون صورة الإسلام الذي هو أساساً دين السلام والعدل. مرّت بلادنا بعدة أحداث جرى استخدام هذا الحزام الناسف فيها وأحدث أضراراً بالغة سواء في إزهاق أنفس بريئة أو ترويع الآمنين أو الآثار النفسية التي يتركها مثل هذا العمل الإجرامي. واجب الدعاة والخطباء والمعلمين والمعلمات بأن ينهضوا بمسؤولياتهم بالتحذير من الانتحار ولعل من الضروري إعطاء لمحة عن هذا الحزام الناسف حسبما تشير إليه المعلومات المتناثرة من هنا وهناك ف «الحزام الناسف» يسمى أيضا سترة انتحارية.. وهو سترة متفجرة محشوة بالمتفجرات وتحمل معها صاعقا ويرتديها الانتحاريون. والأحزمة الناسفة تكون بالغالب مليئة بكور حديدية صغيرة أو مسامير أو غيرها من الأشياء التي ممكن استخدامها كالشظايا لزيادة عدد القتلي في الانفجار. ويشير أحدهم عبر صفحة له على الفيسبوك إلى أن عملية تفصيل وتركيب الحزام الناسف تحتاج لأكثر من شخص كما هي الحال في أي حالة أخرى، وذلك يرجع إلى الطريقة الفنية التي يحتاج لها تصميم الحزام ولانه يتضمن في أجزائه عدة وسائل متنوعة منها الحامل أو القاعدة والتي هي عبارة عن عدة جيوب تصنع لحشو المواد المتفجرة فيها وكذلك قنوات شبكة التوزيع الكهربي والوصل بين الطرفين الأيمن والأيسر من الحامل والتي هي عبارة عن قنوات تمر من خلالها الأسلاك الكهربية، وكذلك نقطتا التجميع والتي تكون الأولى نقطة الأمان والتي يتحكم فيها الكهربائي ودورها في الحزام أنها هي التي تحافظ على سلامة الاستشهادي من تشغيل العبوة قبل الوصول إلى الهدف المراد ضربه ونقطة التجميع الثانية هي نقطة تشغيل الحزام الناسف لتفجيره. ويشير إلى أن عدد الأشخاص الذين يعملون على تركيب الحزام الناسف ثلاثة:الأول فني الخياطة وهو الوحيد القادر على تفصيل الحامل والجيوب وعمل قنوات الشبكة الكهربية وكافة الأقسام التي يحتاجها التصميم الفني الأول للحزام مع العلم أن الوحيد الذي يعطي مواصفات أقسام الحزام الناسف لفني الخياطة هو الكهربائي الذي سيعمل على توزيع الأسلاك الكهربية الخارجة من الصواعق وتجميعها في نقطة أمان ونقطة التشغيل وأي خطأ منه يحدث خللا يؤدي حتما إلى كارثة آثارها كبيرة أما دور خبير المتفجرات –حسبما يشير-هو الذي تكمن الخطورة كلها في عمله واعداده ويجب أن يكون خبيرا على مستوى عال في المتفجرات من حيث شكليتها ونوعيتها ونوع الجيوب التي ستحملها من حيث الحجم والقوة الكهربية التي تحتاجها العبوة لتنفجر بالإضافة إلى انه هو الذي يحدد عدد الجيوب ومقاساتها وذلك يرجع إلى حجم الأصابع المراد حشوها في جيوب الحزام الناسف. ويشير أحد الباحثين إلى أن تصنيع الأحزمة الناسفة ممكن، في ظل وجود مواقع متخصصة على الانترنت للتدريب على التصنيع، وتهريبها من الخارج يحدث، ويقع في أكثر بلدان العالم، من حيث الاحترازات الأمنية، لافتا إلى أن وزن الحزام الناسف يتراوح بين ربع كجم إلى ثلاثة، وقوته التدميرية تعتمد على المواد التي يحملها. حوادث التفجير بالحزام الناسف تكررت أكثر من مرة منها ما حدث مؤخراً في القديح والدمام في مسجدين وقبلهما حدث هجوم إرهابي بالحزام الناسف أيضاً سبق وأن أعلنت عنه وزارة الداخلية عبر متحدثها الرسمي اللواء منصور التركي الذي أشار إلى تعرض إحدى دوريات حرس الحدود بمركز سويف التابع لجديدة عرعر بمنطقة الحدود الشمالية لإطلاق نار من عناصر إرهابية، حيث تم التعامل مع الموقف بما يقتضيه ومحاصرة المعتدين ومقتل أحدهم، في حين بادر أحد العناصر الإرهابية إلى تفجير حزام ناسف كان يحمله، ما نتج عنه مقتله واستشهاد رجلي أمن وإصابة ثالث. جميع هذه الجرائم تحتاج إلى أن يتصدى المثقفون وكتاب الرأي وأساتذة علم وكذلك المستنيرون من المجتمع للبحث في جذور هذا الإرهاب الذي تغلغل في فكر بعض الشباب ممن تم التغرير بهم لوضع حلول جذرية تحمي الوطن وأبناءه من شرورهم. ونذكر بالتوجيه الذي وجهه سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في الهجوم الإرهابي الغادر الذي استهدف رجال أمن حرس الحدود بمنطقة الحدود الشمالية. وقال سماحته «إن ما قام به هؤلاء المجرمون هو عمل شيطاني يدل على قلة إيمانهم وأنهم أفراد ضلوا الطريق الصحيح للإسلام الذي ينبذ هذه الأفعال المقيتة والتي لا يقرها شرع ولا دين». وأضاف «إن هؤلاء المغرر بهم لا يميزون بين الحق والباطل ويعتقدون واهمين بأن هذه التصرفات ينالون بها درجة الشهادة وهم يقتلون الأبرياء الذين يدافعون عن دينهم ووطنهم لذلك كان واجباً على الدعاة والخطباء والمعلمين والمعلمات بأن ينهضوا بمسؤولياتهم تجاه المجتمع بالتحذير من هذه الفئة الضالة المارقة ومن أفعالها النكراء والتي تسعى إلى الإفساد والتدمير ولم تأتِ بخير إطلاقاً». إرهابي مفجراً نفسه بحزام ناسف بمسجد القديح الحزام الناسف بعد تفكيكه من قبل رجال الأمن