تزايدت الحاجة مع توالي الأحداث الإرهابية الآثمة الدخيلة على مجتمع المملكة وراح ضحيتها الشباب والكبار والصغار بفعل فئة من "الشباب" الذين غرر بهم وطال عدوانهم حتى المساجد، إلى سرعة إقرار مجلس الوزراء للاستراتيجية الوطنية للشباب بعد مضي عام ونصف من موافقة مجلس الشورى عليها ليتم بموجبها إنشاء مجلس أعلى للشباب يتولى الإشراف على تنفيذ الإستراتيجية وخططها والمتابعة والتقويم وتنسيق الجهود والبرامج بين القطاعات المختلفة، التي حددتها الإستراتيجية ووزعت مهامها على أجهزة وقطاعات الدولة المختلفة وكذلك مؤسسات المجتمع المدني. الشباب يشكلون نحو 60% من نسبة السكان في الممكلة وهم في تنامي، فحسب إحصائية تقديرية لمصلحة الإحصاءات العامة سيصل عدد السكان إلى أكثر من 31 مليونا عام 1447 ه بزيادة قدرها 10 ملايين نسمة، ليتأكد بذلك أهمية تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لهم وإلزام الجهات المعنية وذات العلاقة بالإستراتيجية الالتزام بما ورد فيها وتوفير كافة متطلباتها المالية والبشرية. أعضاء مجلس الشورى كثيراً ما طالبوا مؤسسات الدولة المختلفة كالتعليم والجامعات ورعاية الشباب والثقافة والإعلام باحتواء الشباب وفق عمل مؤسسي بعيد المدى، من خلال تفعيل بنود الاستراتيجية التي ركزت على قضية الحفاظ على "المواطنة الصالحة والمشاركة المجتمعية" وترسيخ الهوية الوطنية من خلال تحقيق الانتماء للوطن وتأصيل مفاهيم الوطنية والمواطنة في نفوس الشباب، وجعلت من قضاياها، المشاركة المجتمعية والغلو والتطرف والأمن الفكري والتطوع، حيث حددت الإستراتيجية هدفاً لهذه القضايا ينص على تشجيع الشباب على المشاركة المجتمعية وتنمية قدراتهم وإمكاناتهم وإكسابهم الخبرات المهمة في حياتهم بما يؤدي إلى تنمية الولاء والانتماء للوطن وعلاج المشكلات السلوكية والفكرية. المواطنة الصالحة والمشاركة المجتمعية للتعليم ورعاية الشباب والثقافة.. أهداف لاحتواء الشباب ويرى أعضاء شورى خلال مداخلات عديدة جرت تحت قبة المجلس على تقارير التعليم والعمل ورعاية الشباب وغيرها من الأجهزة التي لها تماس كبير بشريحة الشباب، أهمية التحرك السريع نحو اعتماد منهج استراتيجية الشباب، وأشاروا إلى أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب - رغم إنهم من صميم مهامها وجزء في مسماها - ما زالت في أنشطتها لا ترقى إلى الطموحات والتطلعات لخدمة شباب المملكة، سواء من حيث البرامج المقدمة أو مجموع المستفيدين منها، وأقر "الشورى" المطالبات بالتنسيق مع التعليم والشؤون الاجتماعية والشؤون البلدية للتوسع في نوادي الحي والساحات الشعبية وبيوت الشباب وفتح المزيد منها لاستيعاب الشباب وطاقاتهم، خاصة وأن من أهم أهداف خطة التنمية الخمسية للرئاسة إنشاء مراكز للشباب بالأحياء السكنية داخل المدن ليتمكن الشباب من ممارسة أنشطتهم الرياضية والترويحية والإسهام في التنشئة القويمة لهم على أساس التعاليم الإسلامية بما يحقق لهم نمواً متوازناً في جميع الجوانب، ولذلك لا بد من التنسيق بين تلك الجهات لاستيعاب الشباب وتطوير مهاراتهم بعمل جماعي مشترك بين قطاعات الدولة، كما دعا قرار للشورى بإنشاء مركز دراسات الشباب للدراسات التطبيقية لتكون مرجعاً للحكومة والمجتمع فيما يخصهم حيال توجهاتهم وتطلعاتهم واحتياجاتهم، وأكدت وجود نقص حاد في توافر المعلومات والدراسات التي تتعلق بالشباب بغرض تنميتهم والمحافظة عليهم. تأهيل الشباب للتعامل مع مؤثرات التقنية ومطالبات بمجالس محلية شبابية وفرق تطوعية بالعودة إلى الاستراتيجية الوطنية للشباب التي رفعها مجلس الشورى إلى خادم الحرمين الشريفين، يؤكد هذا التقرير ل"الرياض" أنها تسعى إلى تعميق القيم الأسرية لدى الشباب من الجنسين وتعزيز التوافق والتواصل والترابط بين أفراد الأسرة لبناء أسرة متماسكة مستقرة آمنة، إضافة إلى رفع وعي المجتمع أفراداً ومؤسسات بحقوق وإمكانات الشباب المعوقين، كما تستهدف الإستراتيجية معالجة البطالة وتمكين الشباب من الحصول على فرصة عمل مناسبة تنسجم مع ميولهم وقدراتهم واختصاصهم العلمي وتضمن لهم مستقبلاً مستقراً، كما أنها لم تغفل عن الجوانب الصحية فسعت من خلال قضايا التغذية ونمط الحياة والصحة النفسية والإنجابية إلى تنشئة جيل من الشباب يتمتع بصحة بدنية نفسية جيدة، وتناولت التعامل مع قضايا حوادث المرور ومشكلة تعاطي المخدرات والتدخين والسلوكيات البيئية، وخصصت في مجال الثقافة والإعلام محوراً وجعلت من أبرز قضاياه الانفتاح العالمي وتحديات العولمة، وقد نصت الإستراتيجية على ترشيد الانفتاح والتفاعل الإيجابي للشباب السعودي مع مؤثرات العولمة دون فقدان هويته وشخصيته الوطنية، وهدفت أيضاً من خلال قضية "الإعلام الجديد" إلى تمكين الشباب وتأهيلهم على الاستخدام الأمثل لوسائل وأدوات الإعلام الجديد، ونصت على تمكين الشباب وتأهيلهم للتعامل مع مؤثرات تقنية المعلومات وتوعيتهم بإيجابياتها وسلبياتها للمحافظة على هويتهم وشخصيتهم الوطنية، لتحتوي قضايا العولمة والتأثير في الهوية الإسلامية والوطنية. وفي محاولة لشغل الشباب بالمفيد واغتنام أوقات الفراغ، نصت الإستراتيجية على توفير الأنشطة الترويحية النوعية في جميع المجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية من خلال عنصر كفاية الأنشطة والمرافق الترويجية والرياضية، وتمكين الشباب من استثمار الفراغ بجميع فئاته وطبقاته الاجتماعية وأماكن سكنه وذوي الاحتياجات الخاصة من ممارسة هواياتهم واستثمار وقت فراغهم بإيجاد الفضاء والبيئة الملائمة لتشجيعهم على الاشتراك في أنشطة شبابية ترويحية من اختيارهم ومنسجمة مع ميولهم واهتمامهم. من جهته، أكد فريق إعداد الاستراتيجية الوطنية للشباب أهمية تبني الاستراتيجية -لتحقيق نجاحها - على أعلى المستويات السياسية وأن يتم إطلاقها في محفل رسمي برعاية خادم الحرمين الشريفين أو سمو ولي عهده الأمين، والتأكيد على أهمية إشراك الشباب بوصفهم المستهدفين الرئيسيين بهذه الإستراتيجية، ومشاركتهم تعد مبدأ حيوياً لصياغة الأنشطة والبرامج في مختلف محاورها، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير المباشر عن آرائهم وطموحاتهم وأفكارهم، وأن يكون للشباب دور مباشر في عملية التخطيط والتنفيذ والتقويم في جميع مراحل الإستراتيجية والوصول إلى أكبر عدد منهم في جميع مناطق المملكة. الإستراتيجية تشجع مشاركة الشباب المجتمعية وتنمية قدراتهم والانتماء للوطن وعلاج مشكلات السلوك والفكر ورأى الفريق ضرورة تخصيص الميزانيات المالية الكافية، سواء للجهة المشرفة على تنفيذ الإستراتيجية أو الجهات المتعاونة على تنفيذ برامج الإستراتيجية وأنشطتها مع ضمان استدامة الدعم المالي على المدى القصير والمتوسط والبعيد. كما طالب فريق العمل الذي شارك في إعداد الاستراتيجية بإنشاء مجالس محلية شبابية على غرار المجالس المحلية القائمة أو تمكين الشباب من تمثيلهم في جميع المجالس المحلية، وأن يكون هناك فرق شبابية تطوعية مرتبطة بتلك المجالس لنقل احتياجات الشباب التنموية إلى الجهات العليا والتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة في تنفيذ الأنشطة والبرامج التي تتم الموافقة عليها في الإستراتيجية الوطنية للشباب، وإجراء مسوحات وطنية دورية للشباب بالتعاون مع مصلحة الإحصاءات العامة تقيس معدلات الاشتغال المهني "البطالة"، ومعدل انتشار السلوكيات الخطرة بين الشباب ومعدل صحة الشباب وتقييم الشباب لأداء القطاعات فيما يتعلق بتقديم الخدمات ذات العلاقة بالشباب وغيرها من المسوحات التي تسهم في تحليل واقع الشباب وفاعلية الخدمات الموجهة لهم، وإنشاء إدارة للإستراتيجية الوطنية للشباب يكون مقرها وزارة الاقتصاد وتزويدها بالموارد الضرورية التي تمكنها من القيام بدور المنسق ومتابعة تنفيذ أنشطة وبرامج الإستراتيجية للسنوات المقبلة، إضافة إلى إقامة منتدى وطني للشباب لجميع الجهات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة بتنمية الشباب، وذلك لتبادل الآراء وتوجيه الجهود نحو الأنشطة المشتركة وتبني المبادرات والبرامج النوعية التي ترتقي بالشباب. وشدد الفريق على مراعاة الإستراتيجية الحالية للتغيرات المحتملة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية، وأن تتسم بالمرونة التي تمكنها من التكيف مع احتياجات الشباب المتجددة، كما يجب أن تتكامل هذه الإستراتيجية مع جميع الاستراتيجيات والخطط الحالية أو المستقبلية التي يتم تنفيذها في المملكة مثل إستراتيجيات الصحة والتوظيف والتعليم والاتصالات وتقنية المعلومات ومكافحة المخدرات وغيرها من الاستراتيجيات التي تهدف إلى الرقي بالمواطن السعودي، وإضافة إلى ذلك الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة والبنى التحتية من منشآت شبابية ورياضية وغيرها وتوجيهها لخدمة الإستراتيجية، وأن تغطي أنشطة الإستراتيجية وبرامجها فترة زمنية لا تقل عن خمس سنوات يتم بعدها تقويمها وتطويرها وفقاً للمستجدات والمتغيرات ذات العلاقة بالشباب محلياً وعالمياً على أن يتم تقويم خطة العمل التنفيذية كل سنتين.