في التعبير الحسي النفسي تأتي المشاعر وهي تسكن داخل النفس وكأنها تريد البوح في زمن العشق عن ما بداخلها من خلال بث المشاعر في نصٍ شعري أو في نثرٍ يحكي تلك المشاعر.. الشعراء على وجه الخصوص أخذوا هذا الجانب من منظور آخر وهو البوح الكتابي الذي يفسر ذلك الحس بما فيه من رهافة وعليه فإن ماقيل من شعر في مختلف أغراض الوصف الجسدي أتت مواكبة لذلك الحس الفطري. شاعرٌ استطاع أن يحاكي العيون بل استطاع أن يفسر ماتحتضنه نظرات العيون في زمن العشق.. أراد أن يجسد ما بداخل العيون عندما قال : أشغلتني نظرة العين الفتون حيرتني بالتوعد والوعد شاعرٌ جدد في الشعر بما يواكب ثقافة عصره، بلغه استحضارية جميله أراد أن يصل بها إلى ذائقة راقية في زمن الثقافة .. الشاعر المبدع خالد الفيصل، أميرٌ وشاعرٌ وفنان اجتمعت فيه صفات المثقف المبدع، إعتلى هامة الشعر وأصبح مدرسة يتعلم منها الكثير، يمتاز برؤية شعرية عميقة ويبحر بمفرداته إلى حيث يوجد الحس والمشاعر.. في قصيدته (جرح العيون) رسم مفردات جديدة واستحدث صوراً جديدة وصلنا من خلالها إلى عالم متكامل من الإبداع الشعري بل وارتقت الذائقة لأنه أوجد شيئاً جديداً في النص الشعري بشكلٍ عام. وعندما استهل شاعرنا الفذ نصه الشعري بقوله: الله أكبر كيف تجرحن العيون كيف مايبرى صويب العين أبد إشارة واضحة إلى أن هناك مايحرك الشعور من خلال قوة المفردة المؤثرة يقف وراءها صوت الضاج المشحون بالآه فبداية بها جرح ولكنه من نوعٍ آخر بطله العيون تلك الآسره التي تحمل في نظرتها (جرح) وهو تعبير عن جمال العيون أولاً ثم التفاتتها وحدتها العميقة، حتى أنه لايبرى من أصابته كما في قوله(مايبرى) أبداً، وكلها من تداعيات تلك العيون الفاتنة والقوية. لم يكن خالد الفيصل غريباً عن العيون، فهو من أبدع في قرائتها ومن اختص بذلك لأنه يملك خاصية معرفة العيون ومابداخل صاحبها من نظرتها بمعنى أنه من يجرؤ على فك رمزية العين وهذه فراسة شاعر وفنان وقبلها أمير تفرد بكل ذلك. ويأتي باعتقاده بأن الرمش في العين لا يرحم من يشاهده وينظر إليه من جماله وهيبته فيقول: أحسب ان الرمش لا سلهم حنون وأثر رمش العين ما يأوي لأحد تميز وتفرد ودقه في الوصف ولعل الشاعر من عاش تلك اللحظة برؤيته الإبداعية الدقيقة فهو والعيون علاقه دائمة ولكنه يصور هنا الرمش على العين فالتفاتة العين الموشومة برمشٍ طويل وظليل أتت في مفردته وتصويره وهي صورة إبداعية رسمها شاعرنا الفنان ف (السلمة) هنا أتت في صورة القوه بالرغم من أن المعنى والضامر المضطرب الذي يتجسد في نظرته الخوف والحزن والقلق والشاعر هنا كان يعتقد بأن تلك السلمة من تلك الفاتنة تعبر عن حنان ورقة وعذوبة غير أنه بفراسته أوضح بأن ذلك الرمش يحمل القوة والشده وأنه لا يهتم لأحد، وكأنه يقول أن ذلك الجمال قد غلفه الغرور والكبرياء. ومن هنا تتجلى تلك الخاصية المتميزة لدى شاعرنا الذي فعلاً يقرأ العيون ومابداخلها. ويستمر شاعرنا العذب في جداله مع العيون وكأنه يقول سأبقى معها حتى أرى النتيجة والتفسير الأكثر عندما يقول : يوم روح لي نظر عينه بهون فز له قلبي وصفق وارتعد لفني مثل السحائب والمزون في عيوني برق وبقلبي رعد هنا تأتي حكاية العيون عند الشاعر ويبدأ الحوار معها فبعد أن كانت (سلهم) أصبحت عاطفه ورقة وأصبح الرمش يتراقص على أوتار الحكاية، وفرح الشاعر وبدأ نبض القلب يزداد ومفردة (ارتعد) جاءت هنا قوية لتكمل جمال البيت وعذوبته زهي عبارة عن فرح وسعادة ثم يعود الشاعر إلى تلك الفاتنة بنظرتها الساحرة ليصورها مثل السحاب وهنا أقف عند (السحاب) فالشاعر له انتماء كبير وعشق للسحاب وله أيضاً ذكريات وعشق مع السحاب وكثيراً ما كتب له وعنه ويهثم أن ما آتاه من تلك النظرة كان كلمعة البرق في عيونه ونظره وصوت الرعد وقوته في قلبيه، وهذا بلا شك تفسيراً قوياً وعذباً تتراقص وتطرب له الأسماع. الشاعر وهو يسترسل في بديع المفردات وجمال المعنى ورقة الأسلوب يقول : نقض جروحي وجدد بي طعون قلت يكفي قالت عيونه بعد وانعطف هالك الشعر فوق المتون وانثنى عوده وقفى وابتعد هنا تأتي الشكوى الممزوجة بالرقة التي من خلالها يحكي قصة الجروح وفتحها من جديد وبالرغم من طلبه الرقيق ب (يكفي) إلا أنه لم ينجح والسبب رفض العيون الهائم بها، ثم يصف الشاعر بعض المحاسن التي تتميز بها فالشعر التي يتراءى منتثراً والإنثناء الفاتنة في رقة وغرور ومن ثم الابتعاد في كلمتي (قفى) و(ابتعد) وعلى أن الشاعر يمتاز بحسٍ متفرد ورؤية فريدة في كتابته للنص الشعري، فهو بذلك كما أسلفت المجدد الحقيقي في الشعر الشعبي وهذا ليس مستغرباً كونه مدرسةً شعرية أثرت وبقوه في الوسط الشعري.يأتي هنا في آخر العيون ليقول : أشغلتني نظرة العين الفتون حيرتني بالتوعد والوعد هي تمون العين ولا ماتمون لى خذت قلبي وقفت ياسعد بما ان العيون هي من أشغلت الشاعر، فهو حقاً من أفتتن بها وأصبحت هي التي تشغله دائماً من خلال نظرتها ورموشها والتفاتتها، وهي بالتالي أدت به إلى معنى الحيره في وعدها لها وتوعدها له، وعليه فهو يشكو كل تلك الحالات العذبة بالنسبة له من جراء تلك الفاتنة التي هو بحق من يجيد فك رمزيتها في كل الحالات. يبقى الإبداع علامة بارزة في شعر فارس الإبداع دايم السيف دائماً، فهو من أثرى ثقافتنا الشعرية برقي الأدب والثقافة. رؤية - عبدالعزيز الصعب