كثير منا أنّ وتألم وأصيب بالحسرة والأسى لما حدث من تفجير وسفك للدم الحرام في جامع القديح يوم الجمعة الماضي، وذلك أقل ما تقتضيه الأخوة في الدين والإنسانية والمواطنة. أتى هذا الحادث لافتاً في سياق الأحداث في المنطقة؛ لكن ربّ ضارة نافعة؛ فعلى الرغم من غور الجرح ظهرت متانة العلاقة بين جناحي الوطن: سنة، وشيعة على اختلاف المستويات الرسمية والشعبية؛ إذ هرع السنة للاستنكار والعزاء ومحاولة رتق جراح إخوتنا بالقطيف. الجرح غائر والنفوس التي أُزهقت بريئة؛ والمواطنون براء من أن يحملوا إثم تلك الجريمة الشنعاء يبقى على الجميع التفكير في رتق الجرح حتى يندمل ويرمّ على شفاء وطهر وبرء؛ وذلك على النحو التالي: (1) تمتين العلاقة الطبيعية بين حناحي الوطن. عاش أهل السنة والشيعة كل منهما يحترم الآخر ويشاركه الحقوق والواجبات على امتداد تاريخ طويل، وحين جمعتهما المجاورة والمواطنة في هذا الوطن سعد كل منهما بخيرات هذا الوطن، على حد سواء، ونال كل منهما الخدمات الحكومية، واحترم أهل السنة حسينيات الشيعة ومساجدهم، وجمعتهم أحيانا كثيرة الملتقيات الثقافية والحرمان الشريفان. (2) تعزيز المتفق عليه بينهما، كل منهما يسلم وجهه لله عز وجل، ويذعن للقرآن الكريم، ويتعبد به، ويجلُّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويذكر أبا السبطين ورابع الخلفاء الراشدين سيدنا علي (رضي الله عنه). والغالب منهما لا يجد غضاضة في إجلال آل البيت وزوجاته صلى الله عليه وسلم وأصحابه. (3) تحييد المختلف عليه بينهما، لكل منهما مرتكزات في مذهبه، وتقتضي المعايشة واحترام المذهبية ألا يكون الاختلاف مناط النظر إلى الآخر ونبذه بالكراهية، لئلا يستثمر ذلك لإذكاء الطائفية البغيضة خاصة إذا فقهنا أن اختيارات أحدهما ليست ملزمة للآخر، وليست أيضا مخرجا للآخر من دينه. (4) مراعاة كل ذلك من قبل الطرفين في تربيته، وتوجيهه للنشء لديه؛ حتى ينشأ لدينا تجاور كريم ومواطنة شريفة بين الجناحين. (5) بثُّ كل من الطرفين في مجتمعه ثقافة الوعي بما يراد للمنطقة ولبلادنا من الأعداء؛ حتى يصعب عليهم اتخاذ أحدهما مطية لتنفيذ المؤامرات ضد ديننا وبلدنا وشعبنا.