"الكتابة طريقة لجعل العالم ملكًا لنا، والمشي طريقة أخرى لذلك". هكذا يتحدث جيوف نيكلسون في كتابه (فن المشي المفقود): التاريخ، الفلسفة، العلم، الأدب، النظرية والتطبيق لرياضة البيديستريانزم. لقد قضى نيكلسون عمرًا طويلًا وهو يسير في لوس أنجلوس، هذه المدينة التي يقود فيها الجميع سياراتهم، ونتيجة لهذا حصل على انطباعات مختلفة تمامًا عن انطباعات غيره ممن عاشوا في تلك المدينة. إن العلاقة بين الكتابة والمشي تعود للوراء، حين اهتم بذلك فلاسفة اليونان ومنهم المشّاؤون، ووفقًا لما ذكرته الكاتبة ريبيكا سولنت في كتابها: شهوة التجول: تاريخ للمشي (2000)، وكانت تتحدث فيه عن المشي في الطبيعة، وعن أدب المشي الذي يعقب ذلك. ويا له من أدب، كتبه أمثال ووردزورث، هنري جيمس، هنري ديفيد، غوته، توماس مان، توماس ولفي، ڤيرجينيا وولف، ويتمان، وهمنغواي. جميع هؤلاء كانوا مشّائين من الطراز الرفيع. لدرجة أن بعضهم أمثال لاوري لي، وباتريك لاي فيرمور، كانوا يميلون للمشي لمسافات طويلة، جعلتهم يعبرون البلدان سيرًا على أقدامهم، ويكتبون الكتب التي تتحدث عن أسفارهم. وفي السنوات الأخيرة، ظهر عدد من الكتّاب أمثال ويل سيلف، إيان سينكلاير، ماثيو بيومونت، وميرلين كوفرلي، ذلك الأخير الذي يتخصص في علم "الجغرافيا النفسية"، ويكتب عن السير في حضارات المدن. وتم تعريف علم "الجغرافيا النفسيّة" سنة 1955 بواسطة الطليعي قاي ديبورد ب "دراسة القوانين الدقيقة والآثار المحددة للعوامل والظروف الجغرافية، المنظمة دائمًا وغيرها، وأثرها على مشاعر وتصرفات الأفراد". بطريقة أخرى، كيف يمكن للموجودات حولنا أن تؤثر علينا. ببساطة إنه الهيام بالمكان ثم الكتابة عنه!.