جاء موسم الألعاب النارية، وبدأت عملية ملاحقة البائعين ومعها بدأت التساؤلات حول تطبيق الأنظمة، ووضوحها، وحول تداخل المشكلات، وحل بعضها بالمسكنات أو بالأدوية التي تخفف الألم، وكأنها لا تقضي عليه بشكل نهائي لأن التشخيص يكتفي بمعالجة الظواهر، ولا يمتد الى الجذور والأسباب. الألعاب النارية التي تباع في الشوارع لم تهبط من السماء بل دخلت إلى البلاد بكميات كبيرة، فكيف حصل ذلك وهي ممنوعة؟ وإذا أردتم مثالاً آخر على الفجوة بين الأنظمة وتطبيقها، فأمامنا مثال (الرسيفر) فهو أيضاً يدخل إلى البلاد ثم يتم مصادرته. هل يعني هذا أن بعض المواد والأجهزة مرخص لها من قبل بعض الجهات، ولكنها ممنوعة من قبل جهات أخرى؟ هناك حاجة للنظام، واحترام النظام من قبل الجميع، وهناك حاجة للوضوح في المعايير، والوضوح في سياسات الأجهزة وأنظمتها ثم العدالة في تطبيق الأنظمة دون مراعاة لمصالح فردية. الألعاب النارية خطيرة ويجب منعها ولكن الأخطر منها عدم وجود آلية تنفيذ منظمة ومنسقة، تتكامل فيها جهود الجهات ذات العلاقة مثل الجمارك، والتجارة، والبلدية، والشرطة، وغيرها. الألعاب النارية خطيرة ومنعها قرار صائب لكن الأخطر منها عدم الوضوح في التعليمات، وفي تنفيذ التعليمات! إنها مسألة إدارية لابد أن تشملها حركة الإصلاح الإداري، وإذا كان التقصير الإداري، أو الخلل في أخلاقيات العمل لدى بعض الأفراد يهدد سلامة المجتمع كله فهذا أمر ينبغي عدم السكوت عليه. وإذا كان التاجر الصغير هو الضحية، والتاجر الكبير لا أحد يصل إليه، فتلك قضية لابد أن تكون في رأس قائمة أولويات الإصلاح. وفي قضية الإصلاح الإداري وهي قضية شاملة هناك حاجة لزرع فكرة المبادرة، واتخاذ القرارات، والفعل، بدلاً من الانتظار، والتعامل مع القضايا والمشكلات بردود الأفعال سواء في قضية موسمية كقضية الألعاب النارية أو في القضايا الاستراتيجية والتنظيمية. وليس المطلوب إصدار أكبر كم من القرارات والتنظيمات ثم حفظها في الملفات، ولكن المنتظر هو أن تكون هذه القرارات والتنظيمات مرجعاً إدارياً يستند إليه العمل المؤسسي الذي يتعامل مع قضايا الوطن بشكل احترافي لا يخضع للوساطات أو غيرها من الأساليب التي تخرق القوانين، أو تحصل على جواز المرور إلى أسواقنا وهي ممنوعة!! إذن، القرارات وحدها غير كافية، التنظيمات أيضاً غير كافية، العملية لا تكتمل إلا بالمتابعة، والتنسيق، والجدية في التطبيق، ونشر الفكر الإداري المسؤول الذي يرفض التعامل مع المعايير المزدوجة والسياسات غير الواضحة. أما أولياء الأمور فنقول لهم إن الألعاب النارية قد توفر تسلية للأطفال، وقد يجدون فيها متعة، وتجدون فيها أنتم فترة استرخاء، بعيداً عن طلبات الأطفال، ومصاريفهم التي لا تتوقف. ولكن هذه التسلية قد تؤدي إلى نتيجة مؤلمة قاسية يندم عليها أولياء الأمور طوال حياتهم، فلنبتعد عن الخضوع للعاطفة في هذا الأمر ونحتكم إلى العقل ولنقاطع هذه الممنوعات وليخسر كل من يتاجر بها حتى يتوقف. [email protected]