أعتقد أن تلك العبارة انتهت، فالآن وسائل حاسوبية تجعل المرء يحجز فندقا في المدن أو الأرياف عبر العالم. لكن تلك الوسائل على حُسنها تجعل النزيل مُقيدا بوقت الوصول والمغادرة. ويتذكر الناس أن العاصمة الرياض لا يوجد فيها فنادق بالمعنى المفهوم. شارع البطحاء مثلا ضم فندقا أو اثنين، والتغذية من المطعم المجاور، وبعض الأسرة في السطح، في الأيام الحارة. ثلاثة أو أكثر من البيوت يأوي إليها من تربطهم صلة صداقة أو قربى مع مالكها. ولا أنسى بيت المرحوم عبدالله المحمد القبلان، وبيوت الشبيلي وآخرين أنصفهم بأن "جماعتهم" أي أولئك الذين ينتسبون إلى نفس البلدة، ولا أكاد أعرف أصحاب تلك البيوت. الفنادق لم تكن معروفة في الشرق عامة وفي البلاد العربية خاصة. وكان الإيواء للمسافر على الراحلة يتم إما يُضيف على ابن بلد أو قريب أو شريك أو يستقر في "خان". وكلمة "خان" تُحيّر قارئها، فهي حسب موسوعة البستاني مفردة تتريّة (من التتر) معناها ملك أو رئيس. ويُعطى لقب خان في بلاد فارس لرُتب مختلفة، من العسكر إلى رؤساء القبائل. معنى آخر هو النزل أو كما يُعرف ب"اللوكندة" عند الغربيين. ويُطلق الخان عند الأتراك والعرب على محل واقع على الطرق تبيت فيه القوافل وأبناء السبيل، ينزل فيه المسافر دون دفع أجرة. وقد بني بعضها على نفقة السلاطين. أما مفردة "فندق" فهي يونانية المنشأ. أصلها (بانديكيون).Pandhokiyon والفنادق اليوم هي عصب نشاط السياحة في أي دولة من دول العالم المتحضر، فلا يمكن تصور قيام نشاط سياحي من دون وجود شبكة قوية من الفنادق والمنتجعات والقرى السياحية والمطاعم.. إلخ. تتدرج الفنادق في درجاتها على حسب توفر درجة الرفاهية ومستوى الخدمات من النزل العادي إلى فنادق الخمس نجوم والسبع نجوم. لكن دعوني أطرح بعض التشاؤم على حكاية تعدد "النجوم" تلك. فمهمات التفجير والخطف لا يختار فاعلوها إلا "النجوم" الكثيرة. هل سمعتم بعمل مخيف أو فضيحة كبرى إلا في فنادق خمس نجوم؟ شخصيا تتبعتُ الكوارث ابتداء من اختطاف وزراء الأوبك في السبعينيات مرورا بانتحاريين وأعمال إرهابية أخرى تمر عبر فنادق خمس نجوم. أعتقد أن "النجوم" تتناسب تناسبا عكسيا مع الراحة والأمان. لمراسلة الكاتب: [email protected]