اعتاد الملبون لدعوات عشاء الأفراح في القصور والفنادق أن يلاحظوا زاوية تضم المأكولات الشعبية من صنع المنازل. تعطينا الظاهرة أننا في بداية أو منتصف حالة الحنين إلى الماضي (النوستالجيا) والحالة عند مجموعة كبيرة من الناس في بلادنا وغيرها، فالإنجليز لا يقولون الأيام الماضية (أولد دايز) بل يربطونها بمفردة Good، أي الماضي الجميل – فتأتي العبارة (Good old days). هذا يوحي أن الإنسان مهما كانت حياته الحاضرة تلازمه حاسة الاشتياق والللهفة المصحوبة بالشوق والوله إلى ماضيه، سواء أكان ذلك الماضي رغدا ونعمة ودَعَة، أم خشونة وشظفا. والملاحظ جليا أن أكثر الشباب في بلادنا يحبون الأكل المطلوب من المطاعم. وبعضهم يسمي طبخ الوالدة "أكل مستشفيات" لأن أكل المشافي ليس خالياً من المقليات بالدهون الحيوانية فحسب لكنه أيضاً خالٍ من الشوائب الكيميائية. ولذا أقول شخصياً انه لا غبار على صدقية شبابنا. والملاحظ على الطائرات أن الأكل يتكون من مجموعة صغيرة، في صحن صغير، ويضم من الخضروات أكثر مما فيه من اللحوم والحلويات. لذا.. نستطيع ان نقول عليه إنه "أكل مستشفيات" أيضاً. ولا أشك ان أهل المشافي يعرفون ما ينغص سعادة المعدة.. وهم لا يعطون المريض حسب ما يشتهي بل ما تتطلبه صحته. في المنزل يصعب إقناع أهل البيت أن الطعام المطلوب من المطاعم لا يساوي القيمة الغذائية بالمنزل مهما كانت درجتها وامتيازها. ليس هذا جهلاً بالحقيقة في المنزل السعودي لكنها نزوة التقليد. والتلوين - أو التلويث - والتنويع. أعتقد أن الطبخ المنزلي سيأخذ مكانه في الأفراح في المستقبل المنظور لسببين : الأول جودته الغذائية. ثانيا ثقافة الحنين. لمراسلة الكاتب: [email protected]