حين تنغرس في ذهن الفرد فكرة أو صورة نمطية ثابتة عن شخص أو جهة ما أو حتى رأي مقولب يسمى(stereotype) وهذا النمط من التفكير ربما يتغير في حال التجربة عن قرب فتنقلب الصورة رأساً على عقب. كثيرٌ من أفراد المجتمع يقعون في فخ الصورة المُنمّطة (ربما غير الصحيحة) عن أشخاص أو بلدان أو شعوب وكذا مؤسسات حكومية أو شركات طيران أو تيارات فكرية أو أديان. لهذا تجدهم يطلقون أحكاماً بناءً على تلك التصورات المغروسة في أذهانهم دون أدنى محاولة للوقوف على الحقائق سواء بالتجريب أو البحث الجاد المحايد ومن هنا ربما تضيع فرص كانت ستكون مؤثرة في حياة الفرد أو المؤسسة أو حتى العلاقات والمصالح بين الشعوب والحكومات. سأضرب أمثلة حتى لا يكون الكلام مجرّد تنظير موهوم. شاع لدى غير المسلمين وخصوصاً في الغرب بعد أن ضرب الإرهاب عدة دول كبريطانيا واسبانيا وفرنسا بأن الإسلام دين يدعو للعنف والإرهاب فتنمّطت صورة المُسلم (المُلتحي خصوصاً) في أذهان الناس هناك بأنه إرهابي يشمئزون ويحذرون منه وبالتالي تتعامل معه الأجهزة الرسمية خاصّة الأمنية منها كمتهم تُفرض عليه إجراءات خاصّة. يُصوّر أحدهم تجربته البائسة مع إحدى الدوائر الحكومية أو خذلان توقعاته من أحد المنتجات الاستهلاكية أو شركات الطيران ويعممها بعد أن يُضيف عليها الكثير من البهارات و(الأكشن) ويحكيها للناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويستمر في ترديدها وتحذير الناس منها فيتم قبولها على أنها حقائق ثابتة فترتسم في الأذهان كصورة مقولبة يصعب إزالتها. يسمع أحدهم عن فلان من الناس وخصوصاً الشخصيات الاجتماعية المشهورة أو الإعلامية أو حتى الرسمية بأنه يتصف بسلوك أو مظهر أو تفكير يخالف ما تعارف عليه المجتمع من مفاهيم أو عادات أو أساليب عمل ويبدأ بالتشنيع عليه وتأليب العامّة حتى تتكرس صورة سلبية في أذهانهم عنه وبالتالي يشنّون حرباً مجتمعية(جاهليّة) ضده. الأمثلة كثيرة في الوقت الذي تعمل فيه مكائن القولبة ليل نهار تُنتج الكثير من الصور التي تُسنْتر في أذهان العامّة رغم أنهم رضعوا مع حليب أمهاتهم مقولة (التجربة خير برهان)!. لمراسلة الكاتب: [email protected]