من ركائز السياسة النفطية للمملكة «بناء صناعة بترولية وطنية ذات كفاءة وقدرة على المنافسة...» وهذا بلاشك قد تحقق بحمدالله تعالى عبر قيام المملكة بتأسيس شركة الزيت العربية السعودية «أرامكو السعودية» قبل سبعة عشر عاماً بعد ان تملكت المملكة كامل شركة الزيت العربية الامريكية «أرامكو» آنذاك بشراء حصة الشركاء الآخرين من شركات النفط الأجنبية، حيث اضحت شركة أرامكو السعودية حالياً شركة بترول عالمية متكاملة تشمل اعمالها التنقيب والانتاج والتكرير والتوزيع والشحن والتسويق، واحتلت المرتبة الاولى في العالم ضمن مجالات عدة في صناعة النفط لعل من ابرزها احتياطيات وانتاج الزيت الخام، على الرغم من قيام المملكة بخطوة سابقة في هذا الاطار تمثلت في انشاء المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين» في عام 1382ه لتكون مؤسسة وطنية مملوكة للدولة تسهم في الانشطة التجارية والصناعية المتعلقة بالنفط والمعادن، ولتتولى وقتها مسؤولية تنفيذ وادارة المشروعات النفطية والمعدنية في المملكة، حيث قامت حينها بإنشاء المصافي لتكرير البترول والمناجم لاستخراج المعادن، واسست شركات ومشروعات ساهمت في رأس مالها، الا ان نشاطات هذه المؤسسة لم تك على النحو المتوقع والمتوخى منه فبدأت الخطوات لحلها بالتدريج منذ اثنا عشر عاماً ليعلن رسمياً عن حلها مؤخراً. ان حل المؤسسة العامة للبترول والمعادن «بترومين» بعد اخفاقها في تحقيق ما كان مؤملاً منها في اطار تنفيذ السياسة النفطية للمملكة يعبر بلا شك عن الايجابية في جهاز الدولة ومرونته في الاخذ بزمام الامور حينما تحتم المصلحة العامة احداث ما يلزم من تغيير في اي قطاع من قطاعات التنمية الا ان هذه الخطوة يؤمل ان تتلوها خطوة أخرى هي اعادة هيكلة قطاع الصناعة النفطية بالمملكة بحيث يفتح باب المشاركة للقطاع الاهلي بالاستثمار في هذه الصناعة والا تنفرد شركة ارامكو السعودية لوحدها بالاستثمار في هذه الصناعة والا تنفرد شركة أرامكو السعودية لوحدها بالاستثمار في هذا المجال مع التقدير لما وصلت إليه من مستوى متقدم في ذلك لكن لابد من التوسع الافقي في بناء هذا الصناعة والرفع من كفاءتها وعائديتها، وذلك من خلال إنشاء مؤسسة حكومية ترتبط بوزارة البترول والمعادن تقوم بتنفيذ سياسة الدولة النفطية والاشراف والمتابعة على اداء الشركات التي ستتقاطر بلا شك للدخول في هذه الصناعة وتكون منافساً وربما شريكاً لشركة «أرامكو السعودية» في قطاع صناعة النفط الذي من المفترض ان تتميز به المملكة وتستثمر تجربتها فيه خارجياً، فهذه الاستراتيجية في تنفيذ سياسات الدولة تم تبنيها في مجال الصناعة البتروكيماوية واثبتت فعاليتها، وتم الاخذ بها في مجال صناعة الطاقة الكهربائية ومؤشراتها توحي بالايجابية، فلم لا يتم انتهاجها في مجال الصناعة النفطية التي تمثل الميزة النسبية الاولى للمملكة التي تتربع على ربع احتياطي العالم من النفط والاكثر انتاجاً لهذه السلعة الاستراتيجية التي لا زلنا نصدر جل مادتها خاماً مع امكانية تعزيز القيمة المضافة لهذا المورد الذي نحسد على امتلاكه. ٭ كاتب اقتصادي