لم تقم الأمم وترتقِ منذ القدم إلا بالتضحية الفذة من أبنائها البارين المخلصين، أبطال أبوا أن يكون وطنهم محل ذل وانكسار للعدو. أمجاد أمم عانقت السحاب وحاربت من أجل دين، شرف، وكرامة. كان للشهيد فيها وقفات وذكريات مجد وفخر وعزة له ولوطنه ولمحبيه. تراب الوطن تراب غال نفيس لا يرويه إلا دماء طاهرة، كل قطرة منها تنادي بحب الوطن. وما يمر به وطننا هذه الأيام من حرب ضروس ضد الحوثيين هذا العدو الغادر الذي يتربص بديننا وبأمننا وبعروبتنا، تتطلب منا جميعاً وقفة وطنية حازمة، وقفة نغرس في نفوس أبنائنا دائماً وأبداً أن الوطن عز والدفاع عنه واجب وأمنه مسؤولية والاستشهاد في سبيله جنة. نخبرهم بجزاء شهيد الوطن في الدنيا والآخرة، نخبرهم أن الأموات لا يعودون ولكن الشهيد حي باقٍ عند ربه ينعم بخيرات الجنة ونعيمها، نال شرف الشهادة في الدنيا واستحق وسام العز، مثل ما قال سبحانه وتعالى في محكم آياته "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون". نخبر ابن الشهيد أن أباه لم يمت ولم يتركه وحيداً خائفاً منكسراً بل ترك له وطناً يرعاه وطناً يفخر به، ونخبر أم الشهيد أن فلذة كبدها رحل بشرف وترك لها بشارة الجنة. وستستمر أم الشهيد بدعائها بأن يحفظ الله هذا الوطن آمناً مطمئناً وستواصل تضحياتها وستقطع عهداً على نفسها بأن ما وهبها الله من أبناء هم فداء لوطن لن يتعوض. إن سجلات التاريخ ستظل تسجل لشهيد الوطن ملاحم البطولة والبسالة وستحكي وقفاتهم وبطولاتهم. وسنظل نذكر شهداء الحق والواجب أزماناً طويلة. عندما نتحدث عن رعاية حكومتنا الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لأسر الشهداء رعاية يطول الحديث لما تحويه من كرم ونبل تشمل جميع جوانب الحياة من حوافز مادية وتسهيلات وتسديد قروض وديون وتوفير مسكن كريم والحرص على تحقيق الحياة الكريمة لهم. وطن بهذا الكرم والعرفان بالجميل ألا يستحق التضحية؟. ولكن ما واجبنا نحن كتربويين تجاه أبناء الشهداء في مؤسساتنا التعليمية؟. في البداية هو الاحتواء حتى ننسيهم مرارة الفقد نغدق عليهم من الحنان والحب ومشاعر الفخر يجب أن تطغى على مشاعر الاستعطاف وأن نعزز قيمة الوطن والشهيد في نفوسهم. نرسل لهم في كل صباح رسائل إيجابية تخبرهم بأن الشهداء هم فخر يتجدد ومثل يحتذى وذكر خالد سيذكرهم الوطن طويلاً وستذكرهم أجيال قادمة، تخبرهم بأن لهم بإذن الله غداً مشرقاً في وطن آمن، شامخ، ومجتمع محب ينظر لهم بكل حب وفخر. فهنيئاً لكم يا أبناء الشهداء بهذا الشرف الخالد المتوارث.