عزّوز هنا هو السيد عزوز بقاق، وهو سيّد بكل ما تعنيه الكلمة. معرفياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وليس «يعيبه» إلا ملامحه العربية. وخاصة في هذا الزمن الذي أصبحنا فيه موضع شبهة في كل مكان. حتى أولئك الذين وصل بهم الهروب من هذه الشبهة إلى حد مسح أحذية المارينز. وبالعودة إلى السيد أعلاه. فهو من أصول جزائرية من أبوين هاجرا إلى فرنسا. ولد عزوز في احدى ضواحي مدينة ليون عام 1957م وهو حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد وفي الوقت ذاته واحد من أشهر الروائيين في فرنسا من أصول مغاربية .. قضى معظم حياته المهنية والاكاديمية في البحث عن سبل لإنقاذ أبناء الجالية المغاربية من متاهات الضياع، وأصدر حوالي عشرين كتاباً معظمها مول المشاكل والحلول الخاصة بهذه الجالية، والدفاع عنها وعن هويتها وثقافتها. تنقل عزوز في أكثر من موقع جامعي، وفي أكثر من بلد عربي وأجنبي، باعتباره كاتباً. ولم يحمل في يوم ما جواز سفر دبلوماسياً. كان قنوعاً بما خلق له. إلى أن جاءت حكومة الرئيس جاك شيراك الأخيرة، واختار رئيسها دومونيك دوفيلبان عزوز بقاق وزيراً مفوضاً في حكومته. ولم يكن اختيار عزوز إرضاء للجالية العربية عموماً والمغاربية خصوصاً فقط، وإنما لأن عزوز كان مؤهلاً لهذا المنصب الذي كان هو قد وضعه على مقاسه، وهو وزير مفوض لتنمية المساواة في الحظوظ - باعتبار ان حظ أي محمد أو علي لا يساوي شيئاً أمام حظ جورج أو جاك في أي دائرة فرنسية. ولأنه أصبح وزيراً فإن من حقه مثل أي وزير آخر أن يحمل جواز سفر دبلوماسياً وفيزا خاصة في كل رحلة له خارج فرنسا. ولسوء حظ عزوز فقد كانت وجهته الأخيرة إلى الولاياتالمتحدة حيث كان مدعواً من جامعة فلوريدا لإلقاء محاضرة عن سياسة فرنساالجديدة في محاربة العنصرية، وما أن وصل عزوز إلى مطار اطلنطا حتى قبض عليه رجال الجمارك وأجروا عليه تفتيشاً دقيقاً. بالرغم من جوازه الدبلوماسي والفيزا من الدرجة الأولى التي يحملها ومن معرفة رجل الجمارك بأنه أمام وزير فرنسي، لكن لا الوزارة ولا الجواز ولا الفيزا ألغت من ذهن الجمركي هذه الملامح العربية الصارخة، وكيف يمكن لهذه الملامح أن تصبح وزيراً فرنسياً. تبع الحادث ما تبعه من اعتذارات أمريكية مقابل الاحتجاجات الفرنسية، فالأمريكيون يعتذرون عن تفتيش تجاوز الحدود، والوزير يقول انه تفتيش ملامح لا أكثر ولا أقل. ويبدو أن الاعتذارات الأمريكية نجحت هذه المرة، ولكن عزوز لا يضمن السلامة في المرات القادمة. وقد أشار إلى ان هذه الملامح تطارده حتى في فرنسا. إذ انه كثيراً ما عومل على انه الحارس الشخصي لحارسه، حيث لم يعتد الوزراء والكبار هنا على رؤية عربي في موقع الوزير. هذه بعض مغامرات عزوز ولكن مغامراته الأروع والأبقى والأنقى هي في كتبه التي تحول بعضها إلى أفلام لا تُنسى.