مساء الاربعاء كتبت له: أسهر لأحمي جبين الليل من غدر القمر، أزرع الوقت حبات عنب وكرز أحمرها أنت تتمادى بالسريان داخلي، تنسكب في أرض قلبي فتنمو ورود من عشق، وعروقي التي تأخذ لون زرقة البحر امتلأت بك حد الفيضان، لم يكن الصمت إلا وسيلة للتعبير، فبعض الصمت يكون محتدما مشحونا بالمعاني، ما فيك من اكتمال وبوح يشبه أدب الاغتراب الذي يعبر عن لوعة الحنين والفقد، هذه المشاعر التي أودعها الرب داخلنا لولاها لكانت الدنيا جحيما اصفر، ومن صباح بلاد بعيدة ألوح بتحية ملؤها الحب وعبق الأمنيات لأقتص لقلبي من فيض فقد الاحباب، فحياتي بدت بشكل أجمل حينما اتيتَ وربطت آخرها بتاء الحب، وحدك من يؤسس لقلب يجمع شتات الروح تحت سنديانة الوله. صباح الخميس كتب لها: لم يكن بوسعنا ان نتنبأ بهذا البعد المحتشد بغير رحمة، عندما منحني القدر أكثر مما كنت احلم بنيله، ذات غسق تذكرت حديث جدتي عندما أمسكت بيدي وقالت: الأشياء التي يهبنا إياها القدر هي شيء محتوم كلياً فلا تهرب منها، وقبضت على يدي وهي ترددها حتى أوجعتني، أعترف أن هذه الحياة تحرك مشاعرنا وتقلبها بأصابعها كيفما تشاء، وإن لم نمشي على هواها ادركنا الخذلان والكثير من مشاعر الأسف، أعلم أننا لم نتفق على شيء بل اختلفنا على كل شيء، صدفة فقط كان المطر والقهوة هما اتفاقنا الوحيد، ولكننا أغفلنا أن القدر له الف باب وباب، وهباته كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولكننا تعامينا كعادتنا البشرية عن مفاتيح الفرح. أعَلمُ أنني لم أرسِل شَوقِي إليكِ إلا مُتأخِراً، فأعصب عين الزمن عن ضَحَكاتُكِ التي كانت تملاء رُوحي، كم كانت أياماً رائعة معكِ، رِقتَكِ التي لا حَدّ لهَا استَوَلدَت سُؤالَا وَقَراَرا خَالفَ كُل تَوقُعَاتِي، وَتِلكَ البَحَة ِالتَي ارتَبطَت بِفَرَحِي انفَلَتتَ عُقدتَها. لَم تَكُن مَشَاعِرَي تجاهك وِجهَةَ نَظَر، بَل كَانَت كُتلَة مِن كِبِرياَءِ وَهَوى.