عقد وزير الخارجية الاميركي جون كيري ثم نظراؤه الاوروبيون الاثنين مفاوضات جديدة مع الوزير الايراني محمد جواد ظريف على امل التوصل الى اتفاق تاريخي حول البرنامج النووي الايراني، وسط انعدام تفاؤل بفرص التوصل الى اتفاق في نهاية الشهر الجاري. وصرح دبلوماسي اميركي بعد خمس ساعات من المفاوضات بين الوزيرين الاميركي والايراني في لوزان، "ما زال على ايران اتخاذ قرارات صعبة جدا وضرورية لتهدئة المخاوف الكبرى المتبقية بخصوص برنامجها النووي". وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته "لا نزال نأمل بأن نتمكن من تحقيق ذلك، ولكن بصراحة ما زلنا لا نعلم ما اذا كنا سنتمكن من ذلك". وبعد لقائه كيري في سويسرا، اجتمع ظريف في بروكسل مع نظرائه الفرنسي لوران فابيوس والالماني فرانك فالتر شتاينماير والبريطاني فيليب هاموند بدعوة من وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني التي املت ب"ردم بعض الثغرات" التي لا تزال قائمة. ونقل بيان للاتحاد الاوروبي اثر الاجتماع عن موغيريني قولها ان اللقاء كان "مفيدا واظهر تصميم الاوروبيين على العمل لانتزاع اتفاق يبدد كل قلق المجتمع الدولي". ويترأس الاتحاد الاوروبي منذ البداية هذه المفاوضات مع ايران. واعتبرت موغيريني ان الاسبوعين المقبلين "حاسمان للتوصل الى ارضية تفاهم من اجل اتفاق جيد". وبعد 18 شهرا من المحادثات المكثفة حددت جمهورية ايران الاسلامية ودول مجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا) مهلة تنتهي نهاية الشهر الجاري للتوصل الى اتفاق يضمن عدم امتلاك ايران القنبلة الذرية مطلقا مقابل رفع العقوبات. من جهته صرح ظريف كما نقل عنه موقع التلفزيون الايراني الرسمي اثر اجتماعه بكيري "تمت مناقشة موضوعات عدة، من العقوبات الى رسالة اعضاء مجلس الشيوخ في الكونغرس نريد معرفة موقف الحكومة في هذا الموضوع". واضاف الوزير الايراني "بالنسبة الى البعض صرنا اقرب الى اتفاق، بالنسبة الى البعض فان (بلوغ) حل بات تماما في متناول اليد، ولكن بالنسبة الى آخرين فان اراءنا تختلف"، موضحا ان المشاورات ستستمر حتى الجمعة و"سنرى ما ستسفر عنه". وقال فابيوس "حصل تقدم لكن تبقى نقاط مهمة لم تجد تسوية لها"، مطالبا ب"اتفاق قوي فعلا". من جهته اعتبر هاموند انه اذا "اقترب" الطرفان من حل "فسيبقى هناك طريق طويل" امامهما. وسيلتقي كيري وظريف مجددا صباح الثلاثاء في لوزان لمواصلة محادثاتهما، على ان يجتمع المديرون السياسيون لوزارات خارجية الدول الكبرى وايران الاربعاء. وبعد اتفاق مرحلي في نوفمبر 2013، ارجأت مجموعة 5+1 وايران مرتين المهلة من اجل التوصل الى اتفاق نهائي. وحذرت واشنطن من انه لن يتم التمديد مجددا. وفي حال التوصل الى اتفاق سياسي بحلول 31 مارس فان مجموعة 5+1 وايران ستقوم بوضع اللمسات الاخيرة على كل التفاصيل التقنية بحلول 30 يونيو او الاول من يوليو. وسيحدد الاتفاق السياسي المحاور الكبرى لضمان الطابع السلمي للانشطة النووية الايرانية واستحالة توصل طهران الى صنع قنبلة ذرية. كما سيحدد مبدأ مراقبة المنشآت النووية الايرانية ومدة الاتفاق ويضع جدولا زمنيا للرفع التدريجي للعقوبات الدولية. وهناك خلاف بين ايران ومجموعة 5+1 حول وتيرة تعليق العقوبات اذ تريد طهران رفع الاجراءات العقابية التي تفرضها الاممالمتحدةوالولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي دفعة واحدة لانها تخنق اقتصادها وتسبب لها بعزلة دبلوماسية منذ سنوات، بينما تريد الدول الكبرى رفعها بالتدريج. وتعهد الرئيس الاميركي باراك اوباما عدة مرات ببذل كل الجهود بما فيها العسكرية لمنع ايران من امتلاك السلاح النووي. الا ان امكان التوصل الى اختراق تاريخي اثار جدلا حادا في الكونغرس الاميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون. واعلن زعيم الاكثرية الجمهورية في مجلس النواب ميتش ماكدونال "يبدو ان الادارة على وشك التوقيع على اتفاق سيئ جدا مع احد أسوأ الانظمة في العالم ما سيتيح له الاحتفاظ بالبنى التحتية النووية التي يملكها". من جهته قال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير عقب محادثات في بروكسل مع نظرائه الفرنسي والبريطاني والإيراني يوم الاثنين إن ألمانيا لن "تألو جهدا" في الأسابيع والأشهر المقبلة من أجل التوصل الى اتفاق نووي بين القوى الست العالمية وايران. وقال شتاينماير بعد محادثات استمرت ساعتين، برئاسة منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موجيريني، إن "المؤشرات الفنية لإيجاد حل للنزاع النووي موجودة على الطاولة" وحث طهران والقوى الست على عدم "المقامرة بتهور" بالفرصة الفريدة من نوعها المتاحة امامهم من أجل التوصل الى اتفاق. واضاف "انطباعي أننا حققنا تقدما في الأسابيع الأخيرة، لكن فيما يتعلق بالمسار الطويل الذي سلكناه فإنه لا تزال هناك عقبات كبيرة ينبغي التغلب عليها". وتابع أنه يجب على إيران ألا تحد بشكل دائم فقط من قدراتها على تخصيب اليورانيوم، لكن يجب عليها أيضا أن تمنع من استخدام البلوتونيوم لتطوير قنبلة نووية، مشيرا إلى أن "الشفافية الشاملة ستكون سبيل إيران لاستعادة الثقة المفقودة". وفي الولاياتالمتحدة قال السناتور الجمهوري بوب كروكر الاثنين ان لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي قد تصوت في موعد قريب ربما الاسبوع القادم على مشروع قانون يلزم الرئيس باراك اوباما بتقديم أي اتفاق نووي نهائي مع ايران الى الكونغرس للحصول على موافقته. وهدد اوباما باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القانون قائلا انه يتعدى على سلطة الرئيس وقد يعرقل المحادثات مع ايران. وأبلغ كروكر الصحافيين في مقر مجلس الشيوخ انه يعتزم المضي قدما بمشروع القانون في اللجنة الاسبوع القادم. وقال مساعدون لكروكر وروبرت مينينديز أبرز الاعضاء الديمقراطيين بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ان اللجنة لم تستقر بعد على موعد محدد لمناقشة مشروع القانون والاقتراع عليه. ويتعين ان يوافق مينينديز ايضا على موعد لدراسة المشروع في اللجنة. ويجب ان توافق لجنة العلاقات الخارجية على مشروع القانون قبل أن تصبح مناقشته متاحةً في مجلس الشيوخ بكامل هيئته. ومن غير المرجح ان يجري تصويت في مجلس الشيوخ بكل هيئته قبل منتصف ابريل لأن الاسبوع القادم هو الفرصة الاخيرة امام اعضاء الكونغرس قبل ان يغادروا واشنطن في عطلة تستمر اسبوعين. ويتعين ايضا ان يحصل المشروع على موافقة مجلس الشيوخ وان يرسل الى البيت الابيض لكي يوقعه اوباما او ينقضه. وسيحتاج كل من مجلسي الشيوخ والنواب الى اغلبية الثلثين للتغلب على الفيتو الرئاسي.